رجاء العتيبي
دعونا نبدأ بمقولة ستيفن كوفي الباحث الإداري والمتخصص في التنمية البشرية يقول: «المؤسسة الفعّالة بالضرورة بها أناس فعّالون» بعد هذه الجملة ضع (نقطة) وتوقف لا مجال للنقاش والجدل والعراك, قالها ستيفن كوفي بعد دراسة استمرت سنوات لأعظم الشخصيات الناجحة في المائة سنة الماضية.
لا يمكن أن تنهض المؤسسة أياً كان نوعها وتخصصها ومجالها إلا بـ (أناس فعَّالين) وليس غير ذلك, من هنا تأتي أهمية اختيار القيادات العليا للمنظمات الإدارية وحتى موظفو الإدارة الوسطى والدنيا لن تنجح إلا بمديرين فعّالين, تضع ألف حجر في المياه الراكدة وتنفض الغبار وتجدد الدماء وتتعاون مع الجميع وتستوعب دورها.
ليس هناك خيار: إما قيادات فعَّالة تؤثِّر في مجالها ومحيطها وتعمل نقلة نوعية في الزمان والمكان أو (هيا إلى النوم), المنطقة الوسط أو الرمادية في المجال الإداري غير مفيدة وإن كانت مفيدة فإن نتائجها تأتي متأخرة وتحديداً لدى القيادات (المسالمة) التي تستخدم قاعدة (سدّدوا وقاربوا) , وهذه (أبطأ) قاعدة إدارية عرفها التاريخ.
القيادي الفعَّال هو من يثير الجدل وهو الذي يحظى بمؤيِّدين بقدر ما يحظى بمعارضين لأن (مقاومة التغيير) تجلب الخصوم وتجعل أصحاب الامتيازات القديمة يتكتلون كمناوئين له, لتبقى مصالحهم القديمة كما هي, القيادي الفعَّال يكون عادلاً حتى لو أثار حفيظة المعارضين لا يهم طالما أن قراراته يستفيد منها الجميع, القيادي الفعَّال لا يهمه (الكرسي) إما أن ينجح في مهمته أو يغادر, ولو أن المجال يتسع هنا لأضفنا ألف صفة للقيادي الفعَّال.
العجيب, أن القيادي غير الفعَّال يمكن أن يهبط بمؤسسته إلى أدنى مستوياتها وتصبح بلا تأثير, حتى اختياراته تكون على (شاكلته) غير فعَّالة, من منطلق الطيور على أشكالها تقع, في حين القيادي (العظيم) يأتي بفريق عمل (عظماء), ولكن غير الفعَّال لا يمكن أن يعيش مع فرق العمل العظماء فيلجأ إلى اختيار من هم أقل منه ذكاء وحصافة ومهارة حتى يكون العنصر الأبرز ويعيش على الوهم, فيما مؤسسته تنهار شيئاً فشيئاً حتى تصبح سقط متاع لا تلتفت إليها القافلة.
هذا الكلام في هذا الزمن بات معلوماً لدى الجميع, ولا أظنه مجهولاً إلا لدى ثقافات إدارية غير متواصلة مع العالم الخارجي لا تقرأ ولا تكتب ولا تشاهد ولا تسأل ولا تحضر ندوات ولا دورات ولا مؤتمرات, والمأساة أنك حالما تريد أن تغيرها تتشبث بالكرسي وتراك خصماً لها (شيء عجيب فعلاً).
أحسنوا الاختيار في القيادات وإلا فإن المؤسسات ستغط في سبات عميق, لأن التوجه للنوم أسهل بكثير من التوجه للعمل, وشتان بينهما, الأول (سرير ومخدة) والثاني (مجالدة الصعاب).
أخيراً, الفعالية هي أن تؤدي العمل بطريقة صحيحة, فيما الكفاءة أن تعمل الشيء الصحيح, وهما مهارتان إذا توفرتا في القائد بات مؤثِّراً لا محالة وخلق ألف فرصة وأنجز ألف عمل ونافس العالم, يستحق أعلى (الرواتب).