ناصر الصِرامي
نخطئ حين نرى أن المنافسة التي توجهها وسائل الإعلام المحلية أو الإقليمية محدودة بالنطاق الجغرافي. هروب المتابعين أو المتلقين أو المشاهدين، وبالتالي التسرب الإعلاني من كل الوسائل الإعلامية، هو هروب نحو خدمات وتطبيقات عالمية وفِي مقدمتها محرك البحث الأشهر غوغل بكل ملحقاته من شاشات اليوتيوب والأخبار والخرائط. وجمهورية الفيسبوك بكل استحواذها على انستغرام والوتساب!.
كبرى وكالات الأنباء الأوروبية اتهمت، شركتي غوغل وفيسبوك بـ»سرقة» الأخبار واستخدامها على منصاتها دون دفع مقابل!، وفي بيان مشترك دعت فيه عمالقة الإنترنت إلى تقاسم المزيد من عائداتها مع وسائل الإعلام..!
وفي مقال وقعه مدراء نحو 20 وكالة أنباء، بينها وكالة فرانس برس الفرنسية وبرس أسوسييشن البريطانية و»دي بي إي» الألمانية، دعوا البرلمان الأوروبي إلى تعديل قانون حقوق المؤلف في الاتحاد الأوروبي للمساعدة في معالجة «الاختلال».
وجاء في المقالة أن «سرقة عمالقة الإنترنت لمحتوى وسائل الإعلام الإخباري وإيرادات الإعلانات الخاصة بها، يشكل تهديدا لكل من المستهلكين والديمقراطية».!
ومن المرتقب أن يناقش النواب الأوروبيون تعديل قانون جديد بشأن حقوق المؤلف الشهر الجاري، الذي من المفترض أن يُجبر مجموعات الإنترنت العملاقة على دفع المزيد للمحتوى الإبداعي المستخدم على منصاتها مثل الأخبار والموسيقى والأفلام.
عائدات فيسبوك بلغت 40 مليار دولار عام 2017 و16 مليار دولار كأرباح، في حين حقق غوغل 12.7 مليار دولار كأرباح من أصل 110 مليارات دولار مبيعات.
«من بوسعه أن يعترض منطقيا بأنهم ليسوا في وضع يسمح لهم بدفع رسوم عادلة لقاء المحتوى الذي يستخدمونه؟». الأمر الآن يتعلق بإدخال مبدأ دفع رسوم عادلة لوسائل الإعلام عبر إقرار إصلاح قانون حقوق المؤلف».
من ذلك جعل منصة يوتيوب -غوغل مسؤولة قانونيًا عن المواد المحمية بحقوق الطبع والنشر لمنع استخدام الأعمال المنشورة من دون دفع رسوم.
إضافة إلى «الحقوق المجاورة» التي من المفترض أن تُدفع إلى الصحف والمجلات ووكالات الأنباء عندما يستخدم غوغل أو مواقع أخرى روابط تحيل إلى مقالاتها.
فيما الفكرة الجوهرية القائم عليها هذان العملاقان سهلة ممتنعة، تجميع المعلومات بكل أشكالها وصيغها، وعن طريق ملايين، ملايين المستخدمين حول العالم ولغاته -أشخاصًا- كيانات - تغذي هذين العملاقين بمحتوى يوميًا هائلٍ، مما جعل شركات ودولاً توظف وتجند مئات الآلاف للعمل على تغذية هذين العملاقين مهما كان السبب... فكرة عظيمة!
يختم المقال المشترك لمؤسسات إعلامية أوروبية عريقة؛ «.. دون دفع الرسوم، يستخدم عملاقا الإنترنت كغوغل وفيسبوك كميات هائلة من الأخبار التي ينتجها ناشرو الصحف ووكالات الأنباء بكلفة باهظة».
مواجهة وحرب على المحتوى والحقوق،على المتابع والمعلن في الوقت ذاته للبقاء، إنها قصة صناعة الإعلام، قصة تحولاته.. سؤال إلى أين؟، وما هو التالي؟، إنها حكاية العالم اليوم!