رقية سليمان الهويريني
في يوم الجمعة أخرج -غالباً- إلى فناء المنزل للاستماع لخطبة الجمعة ومعرفة محتواها، وفي كل مرة -وكالمعتاد في بعض الخطب- أستمع إلى خطبة ذات أسلوب متشنج، تحمل عبارات عنيفة وكلمات محتقنة! ولم أستمع قط لخطبة توعوية هادئة.
ولئن تجاوزت خطب الجمعة -بصعوبة- تكفير المخالفين، والشتم لليهود والنصارى، والدعاء على الليبراليين والصحفيين والممثلين؛ فإنها لم تبرح محتواها المتهالك ومحاورها التقليدية؛ وبالذات مسؤولية الرجل في منزله ودوره وكيفية تعامله مع المرأة! حيث لباسها وعملها وسعي الليبراليين لتغريبها! وتحريض الرجل على عدم ترك الحرية لها بحجة نقص دينها وعقلها! ويختم خطبته بالدعاء للنساء بالستر والقرار في البيوت!
وفي حين أتطلع أن يتطرق خطيب الجمعة إلى ذمّ الإسراف والدعوة إلى ترشيد الاستهلاك، وحثّ أهل الحي بعدم غسل المنازل وهدر المياه، وحفزهم على عدم رمي المخلفات والمحافظة على النظافة، وتوجيه الآباء لمتابعة واجبات أبنائهم الدراسية وبذل العطف لهم، ووقف العنف ومشاركة الزوجة بأعمال المنزل.
أتطلع أن أستمع إلى خطبة واحدة في السنة لطبيب يتحدث بخطبته عن كيفية الحفاظ على الصحة ومحاربة الأمراض والتحذير من التدخين وتناول السكريات والحلويات، والكف عن الإسراف في الدهون، وتنبيه المصلين حول المعلومات المغلوطة عن بعض الوصفات الخاطئة والخلطات الضارة!
كما أتلهف لخروج متخصص في علم الاجتماع -ولو مرّة في العام- ليلقي خطبة حول أثر المخدرات على الشباب ووقوعهم ضحايا لها، كما يحذرهم من السهر ليلاً وضرورة الاستيقاظ باكراً والسعي للعمل، وحثهم على السعي لإيجاد مهنة ترفع من مستواهم المعيشي، وتوجيه السكان لمحاربة التسول والتكافل الاجتماعي ومعالجة الفقر والحفاظ على الكرامة، وليس أجمل من خطبة سنوية لمعلم ينقل رسالة المدرسة للآباء ويشرح لهم معاناة المعلمين ويطالبهم بتعاونهم معهم لترسيخ القيم في النشء.
وما زال المجتمع بحاجة إلى خطب غير تقليدية تلامس هموم السكان وتطلعاتهم المدنية، وتلاقي تفاعل الناس، وإني أتطلع لسماع خطبة جميلة تكون محور حديث أسرتنا، ونقاش أسر الحي، تتضوع توعيةً وإرشاداً، وتفوح منها الفائدة.