«الجزيرة» - الاقتصاد:
أصبحت الشركات في المملكة العربية السعودية أكثر تفاؤلاً بنمو الإيرادات وفرص الأعمال مقارنة بالعام الماضي، حيث تهدف إصلاحات رؤية 2030 التي وضعها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع بالمملكة العربية السعودية، إلى زيادة مشاركة القطاع الخاص.
وكشف تقرير مؤشر مقياس النمو من «إرنست يونغ» ، وهو استطلاع سنوي لإستراتيجيات رواد الأعمال والشركات المتوسطة، بأن 33% من الشركات المتوسطة في المملكة العربية السعودية تتوقع نموًا يفوق 10% هذا العام، وتهدف 6 من بين كل 10 شركات لتحقيق نمو بين 6% و10%، وهو ما يشكل قفزة بواقع 24 نقطة مئوية بالمقارنة مع نتائج استطلاع العام الماضي.
وهذا العام، برزت اللوائح التنظيمية كقوة جديدة في تحفيز الابتكار ونمو الإيرادات. وفي تحوّل لافت في الآراء، اعتبر أكثر من ثلث (35%) السعوديين المشاركين في الاستطلاع بأن اللوائح التنظيمية هي المحرك الرئيس للابتكار، بزيادة نسبتها 28 نقطة مئوية عن العام الماضي.
وفي سياق متصل، قال فهد الطعيمي، الشريك المدير في المملكة العربية السعودية لدى «إرنست يونغ» EY: «يستغل قادة الشركات المتوسطة في المملكة موجة الطموح والثقة التي أرستها رؤية 2030 وبرنامج التحول الوطني. وعلى عكس الاعتقاد السائد بأن اللوائح التنظيمية تعيق النمو والابتكار، يعتقد التنفيذيون السعوديون بأن الإصلاحات التي قامت بها الحكومة حفزت التغيير والنمو في المملكة. ويشكل إعلان مؤشر مورغان ستانلي كابيتال انترناشونال العالمي MSCI عن ضم المملكة إلى مؤشر الأسواق الناشئة دليلاً على التقدم المحرز فيها والتأثيرات الإيجابية للإصلاحات».
وأضاف فهد الطعيمي: «إن توقعات النمو الطموحة لشركات السوق المتوسطة السعودية الواردة في مقياس النمو من EY تفوق بكثير توقعات صندوق النقد الدولي حول نمو إجمالي الناتج المحلي لعام 2018، والبالغة 1.7%. ويعتبر هذا الأمر مشجعًا للغاية للشركات السعودية. وتعد زيادة مشاركة شركات السوق المتوسطة في الاقتصاد من الأهداف الرئيسة لرؤية 2030، الأمر الذي عزز الثقة بشكل واضح».
ومع استمرار ثقة المديرين التنفيذيين بالنمو، إلا أن هناك قلقًا بشأن نقص التدفقات النقدية، الأمر الذي يشيرون إليه باعتباره التحدي الأبرز الذي يواجه النمو في هذا العام. وتسعى حوالي ثلث (34%) الشركات السعودية المشاركة في الاستطلاع والتي تعتمد حالياً على البنوك للحصول على تمويل، إلى الحصول على التمويل من خلال أسواق رأس المال، في وقت تتطلع فيه المملكة لتحديث سوق الأوراق المالية وفتحها أمام المستثمرين الأجانب. ويدرس ثلاثة أرباع المديرين التنفيذيين المشاركين في الاستطلاع (73%) إمكانية طرح أسهم شركاتهم للاكتتاب العام، وهو مؤشر آخر على نمو ثقة الأعمال. وأضاف عبد الرحمن مولاي البزيوي، رئيس خدمات استشارات الأعمال لدى EY في المملكة: «يعتبر التدفق النقدي واحدًا من أعلى المخاطر التي تواجهها الشركات في رحلة نموها. وفيما يفرض النمو الحاجة إلى رأس المال العامل، كما هو الأمر بالنسبة للشركات سريعة النمو في العالم، تشكل الفجوة بين احتياجات التمويل طويل الأمد والتمويل قصير الأمد تحديًا مستمرًا. كما أن إستراتيجيات النمو مثل الاستثمار في التكنولوجيا، وخوض غمار قطاعات جديدة وقطاعات فرعية، وأسواق جديدة، كلها عوامل تضع ضغوطًا على رأس المال العامل. ويشكل نقص السيولة النقدية في قائمة المركز المالي تحديًا كبيرًا في وجه النمو، ليس فقط في المملكة العربية السعودية بل حول العالم».
تبني الذكاء الاصطناعي
تطورت المواقف تجاه التكنولوجيا بسرعة منذ استطلاع العام الماضي. ففي عام 2017، قال 94% من السعوديين المشاركين في استطلاع مؤشر مقياس النمو من EY إنهم لن يعتمدوا تقنية التشغيل الآلي للعمليات الروبوتية على الإطلاق. وبحلول 2020، قال 82% إنهم سوف يعتمدون الذكاء الاصطناعي ويطبقون التشغيل الآلي للعمليات، حيث ينوي 95% من المشاركين القيام بذلك خلال السنوات الخمس المقبلة.
وتابع عبد الرحمن قائلاً: «فيما لا تزال الشركات السعودية في مراحل مختلفة من تبني الذكاء الاصطناعي، لم يعد لدى المديرين التنفيذيين شك حول الدور المهم الذي ستلعبه هذه التقنية في المستقبل، وقد باتوا أشد إصراراً على تبني الذكاء الاصطناعي والتحول في الأعمال الذي يأتي مع تنفيذه».
التوسع في الخارج
وبحسب استطلاع EY، يرى قادة الأعمال في المملكة بأن هناك حاجة لتوسيع حضورهم الجغرافي خارج حدود الوطن، إذا ما أرادوا أن يصبحوا قادة السوق في مجالات أعمالهم. وتمثل التوسعات الخارجية أولوية النمو الرئيسة بالنسبة لـ 29% من المشاركين في الاستطلاع، في حين تهدف 18% من الشركات المتوسطة إلى تحقيق النمو في الداخل.
توظيف مواهب بمهارات عالية ومتنوعة يعد أمراً أساسياً لتحقيق طموحات النمو دفعت الثقة بنمو الإيرادات رجال الأعمال السعوديين إلى استقطاب المزيد من الموظفين، حيث يسعى 58% منهم إلى تعيين موظفين بدوام كامل. ويرى 62% من المشاركين في الاستطلاع أن هناك حاجة كبيرة لمزيد من التنوع في المواهب.
وختم عبد الرحمن بالقول: «حدد قادة الأعمال في السعودية التنويع على رأس أجنداتهم للتوظيف، وذلك كنتيجة محتملة لإصلاحات برنامج التحول الوطني 2020 ورؤية المملكة 2030، إلى جانب التوسع نحو أسواق خارجية، وبناء تحالفات خارجية والاستثمار في التقنيات لتلبية أهداف النمو الطموحة، فإن تلك الخطوات ستستمر في تعزيز نمو الناتج المحلي الإجمالي في البلاد لسنوات مقبلة - إن شاء الله».