م. خالد إبراهيم الحجي
إن تصنيع وإنتاج آلات الذكاء الاصطناعي جزءاً أساسياً من المكونات الرئيسية للاقتصاد الرقمي العالمي القائم على تكنولوجيا المعلومات. وعصر استخدام آلات الذكاء الاصطناعي (الروبوتات) أخذ يشكل مستقبل البشرية وأصبح واقعاً مفروضاً لا مفر منه؛ ويزداد انتشاراً بسرعة البرق في التطبيق العملي على أرض الواقع في جميع دول العالم، وأحياناً يسمى الذكاء الآلي الذي يقصد به الأجهزة التي تدرك الواقع المحيط بها، وتتخذ إجراءات عملية لتحقيق الأهداف والنتائج وإنجاز الأعمال المطلوبة منها على أرض الواقع؛ لذلك كثر الاتجاه إليها وزاد الإقبال عليها لدرجة أنها بدأت تؤثر على الأمن الوظيفي للعمالة البشرية في أغلب المجالات العملية؛ لأن الروبوتات تحقق الإتقان في العمل، وتوفر الوقت والجهد بسرعة الإنجاز وكثرة الإنتاج بدون أخطاء بشرية بدلاً من المجهود العضلي للإنسان.
واستخدام الروبوتات على نطاقٍ واسعٍ في جميع المجالات العملية سيشكل مشكلة كبيرة ستواجه العمالة البشرية في المستقبل، عندما تستولي الروبوتات الذكية على الوظائف العملية المختلفة وتحل محل العمالة البشرية؛ ويفقد كثير من الناس أعمالهم ووظائفهم التي يكتسبون منها معاشهم وتوفر مصدر الدخل لهم ولأسرهم التي يعولونها. والقضية التي ستقابل البشرية هي ما العمل لمواجهة هذه المشكلة؟ وما هو الحل لها؟ وقد تطرق إليها الكاتب سكوت جالاوي في كتابه (البصمة الخفية للشركات الأربع العملاقة: آبل وأمازون وجوجل وفيس بوك) وتحدث فيه عن دور تكنولوجيا هذه الشركات الكبرى، وتأثيرها في تغيير آلية العمل وأوجه الحياة في جميع دول العالم. وانتقد الكاتب جواب جيف بيزوس مؤسس شركة أمازون لتجارة التجزئة عبر الإنترنت وأغنى رجل في العالم الذي يحرص على استبدال العمالة البشرية بالروبوتات عندما طُرِحَ عليه السؤال التالي: «ما الذي تتوقعه للمستقبل وأنت لا تتوقف عن استبدال المزيد من موظفي مخازن بيع التجزئة بالروبوتات مع العلم أن ذلك سيؤدي إلى زيادة أعداد البطالة؟» فأجاب جيف بيزوس بعبارة مقتضبة: «الحل هو: الدخل الأساسي العام» ويقصد أنه مع انتشار الروبوتات والاستغناء بها عن العمالة والوظائف البشرية، وخروج كثير من العاملين والموظفين من أعمالهم واضطرارهم إلى البطالة ينبغي على الحكومات أن توفر للعاطلين دخلاً أساسياً محدداً يغطي الاحتياجات الأساسية اللازمة لنفقات المعيشة. وهذا الانتقاد ينطبق أيضاً على إيلون مسك مؤسسة شركة تسلا التي تصنع السيارات الكهربائية الذي يتفق مع جيف بيزوس ويؤيده في رأيه بقوله: «الدخل الأساسي العام ضروري وأنه هو الحل». بينما نجد الملياردير بيل جيت مؤسس شركة مايكروسوفت وثاني أغنى رجل في العالم قدم حلاً مختلفاً - كنوعٍ من الضريبة العكسية - لعلاج زيادة البطالة بسبب استبدال الشركات للعمالة البشرية بالروبوتات، وَوَضَعَ المسؤولية على عاتقها فقال: «إذا استبدلنا العمالة البشرية بالروبوتات، فعلينا فرض ضرائب مالية على الروبوتات» لتمويل الدخل الأساسي العام الذي ينفق على العمالة البشرية التي فقدت أعمالها وخرجت إلى البطالة بسبب استخدام الروبوتات. وفكرة الدخل الأساسي العام أغضبت المؤلف سكوت جالاوي ومضى في كتابه ساخطاً فقال: «إننا بحاجة إلى رواد أعمال يعالجون قضايا المستقبل ويحلون مشكلاته، ويساهمون في إيجاد فرص العملالوظائف البشرية والآراء العملية الواقعية، ولا نريد المليارديرات الذين يتهربون من دفع الضرائب، ويريدون من الحكومات أن تمول البرامج الاجتماعية التي توفر الإعانات للعاطلين».
من الواضح أن ردود قادة التكنولوجيا الرأسماليين الذين كانوا يعارضون بشدة دفع الأجور للناس العاطلين الذين لا يفعلون شيئًا قد تغيرت؛ لأنهم يدركون الآن بأن تكنلوجيا الذكاء الاصطناعي ستؤدي إلى تناقص مستمر في الوظائف، وستصبح الروبوتات أكثر تطوراً وتعقيداً وتحل محل كثير من الوظائف التقليدية.
الخلاصة:
إن التكهن بالوظائف والمهارات الموجودة في سوق العمل التي قد يتم إحلالها بالروبوتات أسهل بكثير من تصور الوظائف التي لا وجود لها، والتي قد يتم استحداثها لتوائم المهارات المناسبة لاستخدام الروبوتات.