د. زايد الحارثي
في يوم الخميس الثاني عشر من شهر ذي الحجة لعام تسع وثلاثين وأربعمائة وألف من الهجرة النبوية توفي إلى رحمة الله في حادث مؤلم أستاذنا ومعلمنا الدكتور التربوي الرائد المعروف إبراهيم الماحي ومعه أخوه وابن أخيه رحمهم الله رحمة واسعة. وقد عرفت الدكتور إبراهيم منذ أن كنت طالبًا في كلية التربيه بجامعة أم القرى قبل ما يزيد عن ثلاثين عامًا حيث كان يعمل أستاذًا في قسم الإدارة التربوية والتخطيط وفي نفس الوقت مساعدًا لمدير الدورات التربوية إبان كان القسم والكلية تزخران بنخبة من الرواد السعوديين والإخوة العرب في كلية التربية وقد كان في طليعتهم أستاذنا الدكتور عبدالله الزيد والدكتور عبدالعزيز الجلال والدكتور سعيد أبو عالي -أطال الله أعمارهم ومتعهم بالصحة والعافية- والدكتور أحمد شكري والدكتور إسماعيل ظافر والدكتور عبدالحميد الهاشمي -رحمهم الله- وغيرهم ممن لا تحضرني أسماؤهم الآن. وقد كانت بيئة نموذجية بمعنى الكلمة في الحرص علي التعلم واكتساب المهارات التربوية والتدريب التربوي لخدمة الوطن وتنميته وتطوير كوادره التربوية وتزامن مع ذلك الحرص لدى تلك النخب وجود نخبة مميزة من أولئك الرواد الذين كانوا نموذجًا للشباب السعودي المتطلع لمستقبل باهر وزاهر. وقد برز دور الدكتور الماحي أكثر ما برز في قدراته ومواهبه النادرة في تغيير اتجاهات مفهوم الدورات والتدريب أثناء الخدمة وبخاصة لمدراء المدارس على كافة مستوياتهم إلى النزول إلى الميدان وربط النظري بالعملي ومشاهدة الواقع الحقيقي للمدراء وبيئتهم الحقيقية وكذلك استعراض نماذج حية في عدة مناطق ومدارس بدلاً من النقل من الكتب واستعراض النظريات التربوية الحديثة وتلقينها للمتدربين بغض النظر عن سنهم وخبرتهم! لكنه إبراهيم الماحي الذي بعشقه لمهنته وحبه للوطن الذي يعمل فيه وهو المملكة العربية السعودية جعله يشعل وقودًا واردة التجديد والتطوير في نفوس وشخصيات المدراء الذين فرغوا لذلك الغرض حتي ينعكس على مدارسهم بل وعلى شخصياتهم حيث تمثلت شخصية إبراهيم الماحي في كثير من الخصال النموذجية في دماثة الخلق وحسن التصرف والقيادة مع المواقف والأشخاص حيث غدا مركز الدورات والتدريب التربوي في جامعة أم القرى نموذجًا، يوفد إليه المسؤولون التربويون من الوزارة بكافة مستوياتهم للاستفادة والتعلم واكتساب المهارات التربوية الإدارية الجديدة. وَمِمَّا تمثل في الدكتور إبراهيم من صفاتقدرات أنه أحبه كل من تلقوا تعليمهم أو تدريبهم في ذلك المركز وهم بلا مبالغة بالمئات وبعد حوالي اثنين وعشرين عامًا قضاها الدكتور إبراهيم الماحي في أم القرى استقطبه للعمل في جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية الصديق العالم المخلص الأستاذ الدكتور عبدالعزيز بن صقر الغامدي الذي هو الآخر تم استقطابه ليرأس جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية. فلما عرفه عن الدكتور الماحي من مزايا ومواهب نادرة وبالتالي عمل تحت إدارته ومن أتى بعده لحوالي ثمانية عشر عامًا تقريبًا، أبدع وعلم وربى ودرب المئات من منسوبي وزارات الداخلية العربية مدنيين وعسكريين وتخلدت الآن شخصيته ومآثره في نفوس المئات ممن تعلموا وتدربوا على يديه. لِقد كان إبراهيم الماحي حقًا مربيًا ومدرسة تعلم منها وتدرب المئات من المسؤولين والطلاب من المملكة والدول العربية، رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله خير الجزاء على ما قام به.