محمد آل الشيخ
كل المؤشرات تدل على أن العراق سيكون أول ساحات المواجهة الإيرانية الأمريكية الإسرائلية. إسرائيل أعلنت على لسان وزير خارجيتها أنها قصفت الإيرانيين في سوريا أكثر من مائتي غارة، ولم يصدر من الإيرانيين أي ردة فعل. وهذا الوزير صرح في الأسبوع الماضي أنه سيقصف الإيرانيين أينما يكونوا، في إشارة إلى قصفهم في العراق. كما أن هناك في العراق أكثر من ست قواعد عسكرية أمريكية مدججة بأحدث أنواع الأسلحة والمعدات، إضافة إلى أن كل المؤشرات أيضًا توحي أن تحالف سائرون بقيادة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر سيفوز حتما في الانتخابات لأن لديه الكتلة الأكبر، ولأن الولايات المتحدة لا تقف معه، لكنها تقف ضد النفوذ الإيراني في العراق؛ لذلك فإنها في المحصلة تقف معه. وفي حالة انحسار النفوذ الإيراني ولو جزئيا في العراق، فيمكن القول إن ذلك يكون للوطنيين العراقيين، الذين يرفضون الاحتلال الفارسي، بمثابة أول الغيث. وإيران تمر الآن بأضعف حالاتها، سواء على المستوى الإقليمي، وكذلك المستوى الداخلي، بسبب الانهيار الذي يعانيه الاقتصاد الإيراني من تدهور سعر الريال الإيراني مقابل الدولار. أضف إلى ذلك أن هناك حزمة من العقوبات الإضافية الخانقة سيتم فرضها بعد شهرين، مما سيؤجج الغضب الجماهيري في إيران من الوضع الذي وصل الإيرانيون إليه منذ تولي الملالي السلطة.
وفي البصرة التي تعاني اليوم من أسوأ أوضاعها المعيشية، والتي تتفاقم يوما بعد يوم، أصبحت إيران في البصرة هي والشيطان وجهين لعملة واحدة، رغم أنها محافظة ذات أغلبية شيعية، ما يوحي بأن مستقبل العلاقات الإيرانية العراقية لا يبشر الملالي ومن شايعهم في العراق بالخير.
ولا يمكن تجاوز أن الذي أوصل الإيرانيين إلى هذه المرحلة، وأدخلهم في هذا المأزق، هو بلا شك الرئيس ترامب، الذي كان انسحابه من اتفاقية أوباما النووية، نقطة الانطلاق فيما تمر فيه إيران من مآسٍ، سواء على المستوى الإقليمي أو الداخلي. وإذا استمر توجه الأمريكيون كما هو عليه في الأشهر الأربعة الماضية، فإن إيران اذا لم تنهر، ستضعف كثيرًا، ويضعف نفوذها. إلا أن أخشى ما أخشاه أن يفشل الجمهوريون في انتخابات الكونجرس النصفية القادمة، وينال الديمقراطيون الأغلبية، عندها سيعمل الديمقراطيون ما في وسعهم في اتجاه تقييد قدرة الرئيس الأمريكي حول التوجهات المناوئة لإيران. أما إذا نال الجمهوريون الأغلبية، فقل على إيران السلام.
رغم أن هناك من المحللين من يؤكد أن الموقف من المتأسلمين المسيسيين، سواء كانوا شيعة أو سنة، لا يختلف مع توجهات الرئيس ترامب، وأن الخصومة بين توجهات الحزبين في قضايا أخرى، وليس في تقليم أظافر الغول الإيراني، الذي من شأنه تهديد المصالح الأمريكية القومية في الشرق الأوسط.
ومهما يكن الأمر، فقد سبق وذكرت في مقالات عدة، أن دولة الملالي دولة طارئة، نشأت في ظروف غير طبيعية، ولا يمكن لأي دولة كهنوتية، غير مدنية، أن تتماهى مع شروط العصر في النهاية.