حدّثني...
كنت بأحد الزوايا من بهو الجامعة القابعة في ضاحية من خلف سواد «شيكاغو « لتعبئة استمارة فيها بعض مصطلحات لم تخدمني لغتي الضعيفة يومئذ..
وأنا التفت يمنة ويسرة بحثا عن مسعف (مع) محاولة تجميع ذهني لفكّ طلاسم تلك المصطلحات، فإذا عيني تقع على فتاة لم أرَ وجهها المغطى بشعرها الليلكي
نظرة أخرى وذهني سارح.. وقد انتبهت لي، فرسمت ابتسامة أغرتني أن أشير إليها علّها تُنجدني..
رحّبت.. ومن فورها غادرت مكانها ميممة تلقائي، ثم عدّلت من الكرسي الذي بجانبي وهي تهمّ بالجلوس أظهرت سريعا الانشراح ثم أشرت اليها مستفهما عن مفردة؟
اخرجت من بين أغراضها جهاز صغيرا فترجمة اللفظة الى لغتها اليابنية، ومنها الى العربية، فوضح لي مراد الجملة
.. فأشرت لكلمة اخرى ...فأعادت الكرة ..
وهنا سمحت لعيني أن تتمعّن قليلا، فلم يكن بها جمال غير معتاد، ولا قدّ مياس لكنّ (نعومة) بها ضاع اتجاه بوصلة تركيزي الى السواح في عوالم ما يطلق عليه/ أنثى
نعم، فليس كل امرأة أنثى.. فهي غير بحق لم تسعفني لغتي والا لاستنفرت احساسي الداخلي تلقاءها ولو في استدعاء مكنوزي الشعري ..لكي اترقق لها بالخطاب الذي تستحقّه، والمعاني العجاب التي تأخذ بمجماع الغواني
لكني مع محاولاتٍ جادة لم تذهب سدى اذا استطعت ان ارى ابتسامتها ومن ثم قبول دعوتي على بعض من القهوة في ردهة تقبع بين حدائق الجامعة
ابتدرت أن سألتها عن الاسم؟(جياكي) أجابت
قلت: ألي- أقصد علي- من بني العرب
هكذا في الغالب نحدد اللغة.. لا البلد
فنظرت في ادوات حقيبتها، ومن ثمّ أخرجت ايشار صغير من صناعة هندية قائلةً: هدية ذكرى من زميلة عربية او بما معناه- أقصد هكذا فهمت-
اتيت لأوضح لها ان عوالم الهند بعيدة الشقة عن عالمنا اليعربي، لكني آثرت استخلاص هذه اللحظات لمهجتي فقط
.. والتي طارت بها طربا، وقد اختلف علي بعض نبضات قلبي .. لا أدري لماذا؟
ارتشفنا القهوة ومن ثم استأذنت لقرب محاضرتها، وخجلت ان ازيد في الطلب.. لكني أمّلت لنفسي لقاء آخر
وبالفعل فزت بذلك، إذ قدمت من الغد قبيل وقتي بالأمس، وبدأت اركّز النظرات انتظار من ضرب موعدا مع (وجد) بدأت محاريه وإن لم... يشقّ بعده عما يتنفس به صبحه
نادى القلب: ها هي تقدم بخطى متثاقلة أن كانت تقرأ في جهازها الخليوي، ومن ثم يرسم فاهها ابتسامات وعينها تكتحلان بغنج، يا ألله لكأن تعابيرها من لم تتعد مرافئ الطفولة
بصرت بي من بُعد فزادت من حركتها نحوي، سلمت وهي تنبئ أن الوقت ضيق ورفقتها من بني جلدتها في انتظارها
قلت لا بأس اشيعك الى مكان اجتماعك بهم، فطرز الفرح على محياها ..
لِـله القوم !، كم هم - شعب - يغالبهم النقاء والتلقائية، ويملكهم أقل معروف يسدى اليهم، فاذا الشكر يرسل من افواههم بلا توقف حيال اي عمل يقدّم
مضينا وفي الطريق تساءلت هي ان كنت انهيت اعداد شروط الجامعة و...
فقلت نعم، لكن ...
توقفت لتستفهم ..فقلت /
ربما لن يقبلوا ساعات انهيتها في بلدي وعزيزي علي أن لا ...
ثم صمتّ، فقالت أطمئن فهكذا هم معي .. فضحيت لأجل ان اكسب قبولهم، لإن هذه الجامعة عريقة، وذات صيت و... استرسلت في الثناء عليها، فيما أنا بأجواء أخرى احاول بها التشبّع من هذه النعومة ..التي تأكل القلب أكلا لمّـا، حتى مالت اليها النفس ميلا جمّا
و لولا ان المحكاة هي (الفيصل) لما حرصت على المصافحة قبل ان تهمّ بالرواح إلى صحبتها، فاذا أصابع يدها أجزم أنها (لحم بلا عظم).. لولا ان تفندون
.. هذه التي بالفعل استطاعت ان تحرّك راكدي، وقد كنت لا ألوي الى مطالعة ابنة حواء كثيرا، لإني لست بزاهد بقلبي فأُسلّمه أيّا من شاءت ان ترسل حبال الهوى أو سنارة غوى فيعلق بها
و لهذا فما ان التقيت هذه الصبية الا وملكاتي تتزلزل من تحت عنفواني
بل وتكاد تنهار .. لولا بقية تماسك أأزّه إليه أزا ..أنْ لما التخفف من أثقال لبّ لطالما كان بيده مقود قلبي ..فلا يتحرّك - القلب- الا بخطى مدروسة ..
فما له الان لا يرعوي عن غيّ غالبهُ الى محاولة الارتواء من نهر لا يكاد بعدُ يمدٌه برشفات .. حتى !؟
جياكي... لقطة لا تُنسى (والملمح يذبح) مرّت على أفقي وما كادت تلامس غصن قلبي حتى استفزّتها رياح فقط لامستها فطارت، وبالتالي طار معها أمل ان أشرب.. قعبة من عذبه، لا أن ترويني حتى أثمل
.. بخاصة وأن رياحي خلاف وجهتها
فشروطهم العسيرة هي التي حالت ان يكون لي نصيبا في (جامعة جياكي)..او كذا أطلقت بعدها عليها
كما وأن قعر لغتها كانت سببا أن لم اتدارك في بثّ بعض ما لدي
.. وعندها ادركت مقالتهم بالأمثال:
(تجري الرياح بما لا يشتهي الملاح)
** **
- عبدالمحسن المطلق