علي الخزيم
مشهد الطفل الذي يُعَبِّر عن استيائه وذويه ومن حوله من سوء الأوضاع المعاشة ببلده العربي الواقع تحت وطأة البطش الفارسي المجوسي؛ تلمس منه ان تعبيره جاء تلقائياً غير مُتَكَلَّف؛ غير أن شدة معاناته أخرجته عن أصول اللباقة بالحديث للفضائية على الهواء، وجاءت التعليقات تبحث له عن عذر لصغر سنه وقلة تجربته ولشدة الألم الذي يعتصره وهو يشاهد أمه وأخواته بحال لا يسر بسبب جرائم نظام طهران بذاك البلد العربي الشقيق، إلى هذا الحد، فالأمر بات مقبولاً إلى أن جاءت بعض وسائل التواصل والباحثون عن الشهرة بأي طريقة للقاء الطفل وليعيد العبارات التي فَرَطَت من لسانه بحالة معينة، ويبدو أنه قد تم تلقينه عبارات مماثلة لاستغلال المقاطع الجديدة مادياً وطلباً للشهرة الزائفة.
حينما تبحث للطفل عن عذر مؤقت؛ فلن تجد أي مبرر لتغريدات رجل بالغ يوصف بأنه إعلامي تجاه نادٍ عاصمي حقق مؤخراً بطولة كروية مرموقة، لا يعذر لأنه ليس بحاجة للشهرة بهذه الطريقة، فالمثقف -أن كان كذلك- له قنواته النظيفة للبحث عن التميز الذي يمنحه الشهرة المتدرجة بما يستحق، دون إسفاف وتجريح لكيان رياضي له جمهوره (الملاييني) العريض، هنا ربما يحق للمتابع أن يُقَدِّر أن الإعلامي قد تعمد إطلاق تغريداته بذاك الأسلوب إن لم يكن قد كتبها مسبقاً انتظاراً لنتيجة المباراة، ما يعني تعمد استغلال المناسبة لإظهار نفسه خوفاً من نسيان الجمهور له، وهذا بنظري تَوَجُّه عكسي جلب له خلاف ما أراد، إلا إن كان لا يفرق بين المدح والقدح طالما أن اسمه بين السطور، وهذه مثلبة لا منقبة.
أبشع من الموقفين ذاك الذي صور نفسه مع فتاة داخل سيارة وهم يمارسون أفعالاً وحركات مخلة بالآداب، وتقول جهات التحقيق بإيضاحها الرسمي بأن المخالف يزعم أنه يعلم الفتاة قيادة السيارة، أهكذا يكون التعليم؟.. إذن كيف نفهم الأخلاق؟.
كما أنه بتوجيه من سمو نائب أمير المنطقة الشرقية ألقت شرطة الخبر القبض على فتاة نشرت مقطعاً لها عبر وسائل التواصل الاجتماعي مخالفاً للنظام العام، وهو ما وصف بأنه يندرج ضمن الأعمال والممارسات الشاذة الهادفة للبحث عن نوع من الشهرة بأي طريقة.
حالات من العلل النفسية تدفع صاحبها لارتكاب مثل هذه الممارسات، والاستعراض الزائف بما يتوهم انه يملكه من مهارات يجلب بها أنظار الآخرين حوله لإشباع فراغ وجداني أو حاجات تفتقر لها شخصية من يفتعل مثل هذه الأعمال الخارجة عن معهود عادات وآداب المجتمع المحيط، ويُسْخِط الناس كثيراً تلك التُرَّهات التي تنال من المعتقد وسمو الدين واخلاقه الفاضلة، وتتفق الآراء على أن إضفاء نوع من الاهتمام على من يسمونهم بمشاهير أجهزة التواصل لا سيما من لا يستحقون ذلك؛ يُغري فئة من المراهقين والشباب لمحاكاتهم رغبة بالظهور الاجتماعي واستقطاب الأضواء وهم لا يدركون أنهم لا يملكون المواهب الكافية لتحقيق ذلك فينعكس عملهم عليهم وبالاً فلا يجلب سوى كره الناس لهم والابتعاد عنهم.