د.خالد بن صالح المنيف
من أروع الأفكار التي استفدت منها في حياتي فكرة (قم بالأشياء لأنك ترغب في القيام بها، وسوف تصنع نتائج أفضل!). وللأسف، إن الكثير يقوم بمهامه في الحياة بعقلية (يجب أن أفعل!). والفارق بين جملة (يجب أن أفعل) وجملة (أريد أن أفعل) واضح وجلي؛ فما نشرع فيه معتقدين أنه (فرض) علينا نقوم به على مضض، وهو أثقل علينا من جبل (أُحد)، والدقيقة فيه بيوم. ولك أن تتخيل النتائج: هدر الوقت، وضعف إنتاج، وتدنٍّ في الجودة! وعكسه الأشياء التي نقوم بها ونحن (نرغب ونريد) أن نفعلها؛ فالصعب يصبح سهلاً إذا قمنا به راغبين!
ودعونا نوظف هذه الفكرة في مهمة (غسل الملابس)، وهي مهمة تبدو مملة ومتعبة، وتضيق الصدور بها، ولكن دعني أسألك ما هي الأفكار التي يحملها من يقوم بتلك المهمة؟ وما هي الدوافع التي تحركه لإتمام تلك المهمة؟ هل يقوم بالمهمة وهو ينظر على أنها مهمة محتقرة. وعبء تنوء بحمله الأكتاف؟ إذا كان كذلك فالنتائج المتوقعة تذمر وانزعاج!
القانون العجيب
ولكن هناك وسيلة عجيبة وطريقة سحرية وفكرة خلاقة، أهديها لك أيها العزيز، وهي (فكرة) عجيبة؛ من شأنها تخفيف الحمل، والحفاظ على الوقت، واستبدال المشاعر السلبية بأخرى إيجابية، ومضاعفة الجودة!
فقبل أن تبدأ في (غسل الملابس) فقط أعد صياغة أفكارك، واكسها حلة (إيجابية)، واستبدل تلك الصورة الذهنية السيئة تجاه هذا العمل بأخرى إيجابية.. فهناك دوافع أخرى تدفعك لغسل الملابس، منها:
1 - رغبة في ظهورك وأبنائك بمظهر حسن.
2 - لتنعم بنظافة الملبس.
3 - رغبة في الانتهاء من واجباتك ومن ثم الاستمتاع بباقي الوقت.
4 - تنشط دورتك الدموية، وتقوي من عضلات اليد.
5 - لأنه سينضم لقائمة إنجازاتك اليومية.
6 - استجلاب حالة الرضا التي ستسكن وجدانك حال الانتهاء منها.
إن تغيير (المنظور) قاعدة جميلة، تسهم بشكل كبير في تقوية (دوافع) البشر. ومن أمثلتها ما جاء في حديث أُمِّنا عائشة عندما تصدقت بشاة، وأبقت الكتف، فعندما سألها الحبيب عما فعلت؟ قالت: ذهبت الشاة كلها ولم يتبقَّ إلا الكتف. فأعاد لها الحبيب - اللهم صل وسلم - الصياغة، وعدَّل لها (المنظور)، وجمَّل الفكرة بقوله: «بل بقيت كلها، وذهب كتفها». وكذلك قعد الفاروق - رضي الله عنه - لتلك القاعدة الجميلة بقوله: «ما ابتُليت ببلاء إلا كان لله تعالى علي فيه أربع - أي أربع نعم - أنه لم يكن في ديني، ولم يكن البلاء أعظم من ذلك. ولم أُحرم الرضا به، وأني أرجو الثواب عليه».
وقد وظَّف هذا القانون الجميل (بلال) - رضي الله عنه - عندما اقتربت منيته؛ إذ هتفت زوجته: وامصيبتاه. لكن بلال فعَّل هذا القانون الجميل، وعمل على تغيير إطار تفكيرها، وقال: بل قولي: «وافرحتاه؛ غدًا ألقى الأحبة، محمدًا وصحبه».
نحو حياة أجمل
ما رأيك أيها العزيز أن تسدي لنفسك (معروفًا)، وذلك بالقيام بفحص شامل لأفكارك وقناعاتك ودوافعك؟ وتفكِّر بشكل إيجابي؛ لتحصل على مشاعر إيجابية، وتصنع شخصية متميزة.
افحص (نماذجك) العقلية، و(أنماطك) الفكرية، و(رؤاك) الداخلية حول سلوكياتك ومعتقداتك، ولا تكن أسيرًا لمعتقد (أن العالم الذي تعيشه هو العالم الموجود فعلاً)! وهو ما عبَّر عنه نورمان فينست بقوله: غيِّر أفكارك يتغيَّر عالمك! تحرر ما أمكن من (قوالبك) العقلية، اختبر وازرع (شكًّا) في مقولاتك وقناعاتك القديمة، وحاول مراجعتها وتعديلها، تخلص من طرائق التفكير (الخاطئة)؛ فالضلال كما يقول د. بكار الذي يجتاح حياتنا الفكرية من وراء التفسيرات الخاطئة أعظم بكثير من الضلال الذي ينشأ من الكذب الصراح!
خطوات عملية
دعنا نوظِّف هذا المفهوم الجميل في مناحي الحياة المتنوعة:
* اذهب إلى عملك، وتعامل معه على أنه هبة من رب العالمين، وباب من أبواب العبادة إذا ما أخلصت.
* أقدم على الزواج؛ كونه سكنًا وطاعة، يتقرب بها إلى الله.
* درِّسي أبناءك مستحضرة مستقبلهم الجميل.
* أنفق على أسرتك برحابة صدر مستشعرًا ومتذكرًا أن ما تفعله من أفضل الصدقات.
ومضة قلم
لسنا سوى الأفعال التي نكررها؛ فالتفوق ليس فعلاً، وإنما عادة!