فيصل خالد الخديدي
تتنوع المدارس والاتجاهات الفنية وتتباين في الاهتمام والاتباع بين الفنانين، ومن أبرز المدارس الفنية القديمة المتجددة تأتي الواقعية، حيث كانت بداية نشأتها في النصف الثاني من القرن التاسع عشر في فرنسا، وعاودت الظهور في أوائل النصف الثاني من القرن العشرين ولكن بحلة جديدة أكثر دقة واهتماما بالتفاصيل تحت مسمى الواقعية المفرطة (الهايبررياليزم)، والواقعية تهتم بنقل الأشكال والأحداث كما هي في الواقع في تحييد لذاتية الفنان وحضور لدقة النقل وصدق المشهدية وتوثيق للحالة الواقعية المرسومة سواء من الواقع مباشرة أو من صور فوتوغرافية عالية الدقة، والواقعية من الفنون التي تعتمد على المهارة بشكل رئيسي ولكن لا يعني ذلك أنه فن ومهارة فقط دون فكر أو إحساس وصدق مشاعر، فالفكر والإحساس شيئان رئيسان للفنان الواقعي وهو ما يفاضله عن غيره من الحرفيين المتقنين للنقل دون إحساس أو تفكير، والفكر والإحساس أيضاً في أعمال الفنان الواقعي هو ما يمايزه عن الصور الفوتوغرافية متى ما كان تمكنه من مهارته في النقل عالية.
ومنجزات الفنان الواقعي المحترف عادة ما تُحدِث الدهشة والإعجاب إن كانت على قدر كبير من الإتقان ولكن سرعان مايُنظر إليها بأنها أعمال مباشرة ولن تصل بأي حال من الأحوال في الإتقان لدرجة الصور الفوتوغرافية وهي نظرة قاصرة ولكنها نظرة مؤرقة لعدد من الفنانين الواقعيين محلياً وتسببت في عزوفهم عن الاستمرار بالعطاء في الأعمال الواقعية بالإضافة إلى ضعف المحفز لهم بالاستمرار من وجود معارض متخصصة تدعم انتشار الأعمال الواقعية وتسوق لها وإن كانت موجودة على مستوى دور العرض بأروبا وأمريكا إلا أنها تغيب محلياً وربما عربياً، ومن أسباب العزوف عن الواقعية، تركيز اهتمام بعض الفنانين الواقعيين على موضوعات مكررة مثل البورتريه وعدم وجود مشروع شخصي للفنان يشتغل عليه من خلال مفردة أو مجموعة مفردات تتكامل لتصنع بحثاً فكرياً أو جمالياً متقن تقنياً وواقعياً بأعمال حيوية ذات هوية متفردة غير مملة ولا منقولة نقلاً سطحياً سغيب عنه الروح والفكر، إن الفنان الواقعي المتمكن من أدواته التقنية والواثق من إمكاناته الفنية يمكن أن يكون علامة فارقة في الساحة التشكيلية المحلية متى ما كان صاحب مشروع فكري يقدمه بطرح واعٍ وإحساس متقد وتخطيط سليم.