محمد المنيف
أي عمل فني لا يصبح مكتملاً إلا حينما يتقبله المتلقي ويتجاوب معه على تنوع ثقافات ذلك المتلقي، وذلك من خلال ما يقدمه الفنان من دور مؤثر في مجتمعه ومع واقعه وعصره، وكلما ابتعد الفنان بطرحه عن ثقافة مجتمعه أو كيفية نقل ثقافته إلى الآخر أصبح في دائرة العزلة والبرج العاجي قد لا يطول بها إحساسه بالفوقية وأن مجتمعه أو الآخر لم يصل إلى مستوى فهمه وقدراته فينتهي إلى مرحلة الإحباط والانزواء، فليس هناك فنان لا يراعي المجتمع المحلي أو غيره سعيًا لتقديم إبداعه.
فالفنون المعاصرة كثير منها لم يعد يراعي الجمهور العامة ولا حتى أنصاف المثقفين فنيًا لتقديم الفنان أعمالاً ليس فيها أي رابط أو حلقة وصل أو مفاتيح يمكن بها التفاعل معها وهذا لا يعود النتتائج العكسية على الجمهور فقط بل على الفنان ذاته حينما يتجه إلى القيمة الاستهلاكية دون مراعاة لتربية الذوق التي تعد من أهم أهداف الفنان مما يفقد الفنان الإحساس بجوانب الجمال أو القيمة الجمالية حينما يتعامل مع فن جاف وجامد مما يوجد مشكلة عندالمشاركة في البناء الحضاري.
هذا التوجه إلى ما يطلق عليه فنون الحداثة تشعر ممتهنيها بالخواء الجمالي وعدم تلاحمه مع المتلقي الذي ما زال يحمل فطرة سليمة في تذوق الجمال في حياته المنعكس تبعًا على جمال الفنون وهو ما نراه من تفاعل الجمهور على اختلاف مستوى ثقافتهم المحلية أو المكتسبة من ثقافات أخرى تقبلهم للإبداع الشعبى أو التعبير الأقرب لمختزله وتراثه، وهذا لا يعني أن يقدم الفن بما يزيده جمالاً دون المساس بمقوماته الأساسية من قيم وتقاليد والابتعاد عن تبعيته للفنون الغربية التي يتوقع الكثير أن في تصفيق الغرب لها دليل على نجاحه، ما أوصلتنا وبعض فنانينا إلى تلقي التوجيه من غربيين يدسون السم في الدسم فأدلجوا أولئك الفنانين مستحضرين بعض ما يخالج أفكار أبناء الوطن من نظرة سوداوية لبعض القيم أو التقاليد فجعلوا من ذلك المختزل قاعدة لإخراج صور سوداوية مغالطة للواقع إرضاء للآخر واستفزازًا للقريب.