د.محمد بن عبدالرحمن البشر
سوريا بلاد التاريخ والعلم، بلاد عاش فيها الأمويون أو إن شئت فقل المروانيون بعد الأمويين، هم الذين وضعوا الدواوين بنوا السفن، وأحسنوا ترتيب الجيوش، وسكوا العملات، وأقاموا البريد، وانطلقوا إلى مشارق الأرض ومغاربها لنشر الإسلام والتعريف به، فدخل فيه الناس أفواجاً من كل باب، برغبتهم بعد أن علموا محاسنه، وتبين لهم بعض المثالب التي كانت لديهم.
سوريا بلاد سيف الدولة وأبي فراس الحمداني والمتنبي وابن جني، ونفطويه وفهرويه، وغيرهم الكثير، وهي منارة العلم عبر التاريخ، وهي التي عاش ويعيش فيها أناس مختلفي الأعراق والملل، اليوم تعاني من الحرب والدمار والقتل والتشريد لشعبها، وتوقفت البنية التحتية وتراكمت الديون، وحل التصارع الفكري والمذهبي، وهي تعاني من نزوح أهلها وقدوم مسلحين من كل حدب وصوب، وتشريد للأطفال، وصعوبة تقديم مادة علمية لهم، وهذا يعني أن هناك نسبة جيل قادم ستكون نسبة التعليم لديه أخفض من ذي قبل، ناهيك عن الرعاية الصحية والاجتماعية، وغيرها من المتطلبات الإنسانية.
بعد مأساتها الأخيرة قدم إليها من يدعي أنه جاء لنصرة شعبها، ومنهم من ادعى أنه يعمل على استقرارها ومشاركة أهلها في الخلاص من داعش والنصرة وغيرها من المنظمات الإرهابية، التي حطت رحلها هناك بعد أن حملت الرياح بذرتها من أماكن عديدة قريبة وبعيدة.
من ضمن من قدم إيران وحرسه الثوري ووضع النظام يده بيده، وما لبث أن توسع واستقدم ذراعه من دولة لبنان وحلوا في مكان غير مرحب بهم فيه من قبل أبناء الشعب السوري الكريم، الذي يدرك النوايا غير السليمة لإيران، ويعلم أن وجوده لم يكن أبداً لنصرة النظام ثم المغادرة، وإنما للبقاء ونشر الأيدولوجيا التي يستخدمها كأداة في تحقيق مطامعه السياسية، ومقاصده التوسعية التي يعتمد عليها كأساس لمزيد من النفوذ والهيمنة.
لم تقدم إيران لسوريا قط مساعدات إنسانية أو مشاركة في البنية التحتية، وإنما كان وجودها يصب في توفير جموع من الحرس الثوري المدججين بالسلاح والساعين لنصرة مجموعة فكرية ضد أخرى، وتسهيل تسرب المجموعات التكفيرية، والاستفادة منهم في تأجيج الصراع بين أبناء الشعب السوري الكريم.
النظام الإيراني أخذ في مناوراته السياسة هنا وهناك، وتنقل بين عدد محدود من العواصم العالمية لأن أغلب العواصم في العالم ليس لديها الرغبة في استقبال المسؤولين في النظام الإيراني.
المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده حفظهما الله، تؤكد حرصها على وحدة سوريا، وعدم المساس بشبر من أراضيها وهي تساعد الشعب السوري وتقدم له الخدمات الكثير، وتؤكد أن المسار الصحيح الذي يمكن من خلاله الوصول إلى صيغة ما، طبقاً لقرارات مجلس الأمن، وهي تسعى جاهدة هنا وهناك لتحقيق ذلك، وتحاول التنسيق مع الدول الفاعلة في العالم والمهتمة بالشأن السوري لتحقيق الأهداف النبيلة التي يسعى إليها الخيرون.
لابد للنظام في سوريا أن يتخلص من الوجود الإيراني على أراضيه فوجوده على الأرض السورية يعني مزيداً من الأسى، وصعوبة في إيجاد حل سياسي، ومنع لتدفق المساعدات المالية والإنسانية التي يحتاجها الشعب السوري بعد هذا الدمار الشامل الذي حل بالبلاد.
وجود إيران في سوريا سيزول لا محالة ومن الخطأ استمرار المزيد من الدمار، بسبب الوجود الإيراني الراحل إجبارياً، لأن وجوده ضد رغبة الشعب السوري والعالم أجمع.