سعد بن عبدالقادر القويعي
بالأمس أعلنت مجموعة «جوجل» بالتنسيق مع شركة الأمن الإلكتروني «فاير آي» إغلاق قنوات، وحسابات على منصة «يوتيوب»، على خلفية حملة تضليل مرتبطة بإيران بشكل احتيالي، ومنظم، وذلك بعد خطوة مماثلة من قبل «فيسبوك»، و»تويتر»، بعد أن تمكنت من إيجاد رابط بين الحسابات المشبوهة، وإذاعة جمهورية إيران، والتي وضعتنا في دائرة الكم الهائل من الفخاخ، وحجم التضليل لرجال الاستخبارات الإيرانية، وممارسة أنشطتهم القذرة، كتجنيد الجواسيس، واستخدام البرمجيات الخبيثة، ونشر المعلومات المضللة، بل وجعل تلك الحسابات أداة حرب؛ للحصول على المعلومات، والسيطرة عن بُعد.
في إطار المعالجة، والحد منها في شكل عملي؛ حتى وإن لم تصل إلى مستوى النتائج الفعلية الإيجابية، فإن انعكاس هكذا حسابات تضليلية، لها آثارها الخطيرة على أمن المجتمعات، وترابطه، وزعزعة الاستقرار في أي دولة -دون استثناء-؛ كونها تساهم في نشر مفاهيم الكراهية، وثقافة العنف لمحتوى آفاق التواصل بين مكونات البشرية. كما أصبحت -مع الأسف- باباً خلفياً للجريمة المنظمة، وما خلفه من قواعد للكذب المنظم؛ لتنشر على نطاق واسع جداً؛ الأمر الذي سيعزز من مفهوم الأمن الوطني، أن يكون الهاجس الأول في الأعمال، والتي تعتمد بصورة متزايدة على التقنيات الإلكترونية.
الحال، أننا نقف -اليوم- أمام أزمة خانقة؛ باعتبار أن المصطلح الجديد، والذي تم تداوله من المؤسسات العلمية، جعلنا في عصر ما بعد الحقيقة post-truth. وأمام هذا الاعتراف الخطير من إدارة الموقع الأشهر عالمياً، والأكثر انتشاراً، فإن العمل على وضع استراتيجية واضحة الوسائل، والأهداف، وكيفية قياس نجاح التنفيذ، يشكل حجر الأساس؛ لتجاوز الكثير من المخاطر المتوقعة، ومن ذلك على سبيل المثال: ضرورة تفعيل الرقابة على مواقع التواصل الاجتماعي، واتخاذ الإجراءات اللازمة؛ لتنقية حسابات المستخدمين، ونشر ثقافة تمييز تلك الحسابات، والتحذير منها، وكيفية التعامل الإيجابي معها؛ من أجل التصدي للأخبار المضللة، والشائعات، ونشر الفتن، والأفكار المضللة.