أ.د.عثمان بن صالح العامر
الحياة مليئة بالقرارات التي يتخذها كل واحد منا في دروب الدنيا ذات المسالك المتعددة والمتعرجة المتشابكة المتشابهة، ومع صعوبة ما نتخذه من قرارات شخصية تمسنا بذواتنا فإن ما نتخذه في حق أبنائنا وبناتنا أشد في نظري وأصعب بكثير خاصة في هذا الوقت بالذات وفِي سن المراهقة على وجه الخصوص.
هذه الأيام تكثر الاتصالات والتساؤلات من قبل الأصدقاء والزملاء والأقارب أولياء الأمور عن الكليات والمدارس، عن أعضاء هيئة التدريس في الجامعة ومعلمي التعليم العام في المدارس، وكلها تصب في النهاية، أين ألحق ابني أو بنتي؟
بصراحة هذا الشيء وإن كان الجواب عليه قد يصعب أحياناً، وتحققه للبعض ربما كان مستحيلاً، فإنه ينم عن وعي مجتمعي، ويدل على شعور أولياء الأمور بالمسؤولية المباشرة عن مستقبل أولادهم التعليمي، خلاف الحال الذي كانت عليه الأسرة السعودية سابقاً، والصعوبة هنا تكمن في أن معايير الاختيار تخضع لعدد من المتغيرات التي تختلف النظرة إليها تبعاً لاختلاف شخصية الطالب وجوانب القوة عنده ونقاط الضعف فيه، كما أنها تختلف باختلاف المرحلة التعليمية، والرغبة الشخصية، والرؤية المستقبلية لدى الطالب محل الاهتمام، لأنه في النهاية هو من تقع عليه مسؤولية بذل الجهد وتحديد بوصلة غده المنتظر مهما بذل ولي الأمر من جهد، وقُدم له من استشارات.
* في المرحلة الابتدائية السؤال الرئيس الذي يرد على الألسنة يتمحور حول المعلم المتميز الذي سيسلّمه والده فلذة كبده أمانة عنده ليربيه أولاً ثم يعلمه، خاصة حين يكون الطالب طالباً مستجداً.
* في المرحلة المتوسطة أكثر التخوف من الأصدقاء وزملاء الدراسة، ولذا يتمحور التساؤل عن الحي الذي تقع فيه المدرسة، وطبيعة سكانه وأخلاقيات أبنائهم، وهل طلاب هذه المرحلة المتوسطة مدموجون مع طلاب المرحلة الثانوية في مبنى واحد أو لا؟
* أما في المرحلة الثانوية فمن أبرز الأسئلة التي يدور حولها النقاش والجدل، ترى ما المدرسة التي تنصح بها، ومن المدير الجيد الذي تثق بحزمه وضبطه لأخلاقيات الطلاب؟ ويتولّد عن هذا تساؤل ولي الأمر: هل أحرص على تسجيل ولدي بالمدارس الأهلية ذات الخصوصية التي لا تخفى، أو ألحقه بإحدى الثانويات الحكومية المتميزة حتى وإن كان عدد الطلاب في الصف فوق العدد المقنن علمياً، وذلك من أجل أن يتعايش مع مجتمعه المحلي، ويعرف سلوكيات الجيل بعيداً عن الانعزالية والنرجسية المنبثقة عن الخصوصية التي وضعته فيها ظناً مني أن هذا الصنيع هو الأسلم والأمثل لتحقق تميزه الخلقي و تفوقه التعليمي؟
# بعد الانتقال إلى الجامعة سيل من الأسئلة عن القسم الجامعي الذي له مستقبل وظيفي، وداخل أروقة الكليات السؤال المتداول والبحث الجاري هذا الأسبوع عن الدكتور المرن والمتسامح - حتى يتمكَّن الطالب من تسجيل مادته ضمن جدوله في هذا الفصل - وعضو هيئة التدريس الصعب المتشدِّد ليجتنبه ويحذر منه! هكذا يقولون مع أن الأمر في النهاية ليس كما يظنون قوةً وضعفاً، رحمةً وعنفا .
مع أهمية الجامعة والمدرسة في التربية والتنشئة فإن المسؤولية الأولى تبقى مربوطة بعنق ولي الأمر الذي يجب عليه المتابعة والحرص، وكل عام دراسي - جامعي وأنتم بخير.