عبد الاله بن سعود السعدون
الجو السياسي الشعبي الملتهب أثار المتظاهرين الغاضبين في بغداد والمدن العراقية إثر عدم سماع أصواتهم وتلبية مطالبهم فيما أصدرت الجهات الأمنية الأوامر بتفريق التظاهرات فقد تصدت قوات مكافحة الشغب لهم وأطلقت الغاز المسيل للدموع، في مشهد دراماتيكي يعكس حجم الاحتجاجات التي وصلت إلى نقطة اللا عودة مع الحكومة.. وتحرك إيران اللعبة السياسية بواسطة مندوبها الدائم في بغداد الجنرال الإيراني قاسم سليماني، الذي يدير حراكاً سياسياً يتميز بإستراتيجية إيرانية جديدة تعتمد على الترهيب والترغيب ويحاول إعادة أجزاء لعبة ما يسمى بالبيت الشيعي السياسي مرةً أخرى بالضغط على مكونات كتلة النصر من الطائفة الشيعية بتركها والالتحاق بالفريق الآخر المكون من الفتح الوجه السياسي للحشد الشعبي ودولة القانون بزعامة نوري المالكي رجل إيران في السياسةالعراقية.
وذكرت مصادر إعلامية إن سليماني يهدف من وراء هذا التهديد إلى دفع القوى السنية والكردية لأنها هي الثقل المرجح لكفة الكتلة الأكبر موجهاً هذه الكتل إلى التحالف مع قائمتي «الفتح»، بزعامة و»ائتلاف دولة القانون وهما قائمتان مدعومتان من إيران... وبعد محاولات جادة أجرتها قيادة كتلة الوطنية بزعامة الدكتور أياد علاوي توصلوا لنتائج إيجابية حاسمة لتشكيل الائتلاف الأكبر بعد انضمام كتلة القرار برئاسة السيد أسامة النجيفي لائتلاف الإصلاح والإعمار مع كتل أخرى وبلغ عدد هذا الائتلاف الجديد 180 نائباً ممثلين ومن المحتمل بعد انضمام كتلة كردستان سيرتفع العدد لأكثر من مائتين عضو برلماني وحين تقديم ورقة الأكثرية البرلماني لرئيس المجلس أكبر الأعضاء سناً حدثت المفاجئة باعتراض القائمة المدعومة إيرانياً التي أطلقت على نفسها ائتلاف البناء بأنها الكتلة الأكبر بتقديمها قائمة برلمانية تحتوي على 150 توقيعاً من أعضاء البرلمان وطعنوا بالقائمة الأخرى بأنها تحمل تفويض الكتل البرلمانية دون أخذ موافقة أعضاء البرلمان الذين ينتمون لهذة الكتل ورئيس الكتلة لا يحمل تفويض بأصوات كتلته وفي هذا الوضع المحرج حدث أول خرق دستوري للجلسة الأولى للبرلمان العراقي الجديد ورئيس الأكبر سناً لم يكن حاسماً في إعلان أيهما القائمة الأكبر وبعد تحول المجلس لساحة من الهرج والمرج والفوضى الكلامية اضطر رئيس الجلسة إحالة القرار إلى المحكمة الدستورية لتحديد من هي القائمة الأكبر البناء المشكلة من كتلة الفتح المنضوي فيها الحشد الشعبي ودولة القانون وبعض الكتل الأخرى من المكون السني الذي تم أغراؤهم بوعود المنصب والدينار وبلغ عدد التواقيع البرلمانية 150 عضواً برلمانياً والثانية ائتلاف الأعمار والإصلاح صاحبة الأكثرية العددية 180عضواً والمؤلفة من كتلة سائرون والوطنية والحكمة والقرار وبعض الكتل المدنية المستقلة، الذي يخشاه الوطنيون من الساسة العراقين عدم استقلالية بعض أعضاء هذه المحكمة وميلهم السياسي لحزب الدعوة الحليف لإيران.... ومفاجآت المجلس المتغيرة من صنع المطبخ السياسي الإيراني المتمثل بسليماني وطاقم السفارة الإيرانية في بغداد بعد شعورهم بأن عصا نفوذهم في العراق مهددة بالكسر لو فاز ائتلاف الإعمار والإصلاح ذي الاتجاه الوطني الذي يرفض السيطرة الإقليمية والدولية وينتظر قرار الكتلة الكردستانية التي ستكون بيضة القبان لتركيز مسمى الكتلة الأبر في المشهد السياسي الذي يخشى لإرضائها تقديم تنازلات وطنية على حساب جغرافية الوطن العراقي وبالذات مستقبل محافظة كركوك ومنحهم نسبة 17 % من ميزانية الدولة العراقية لإقليم كردستان ودفع مرتبات جيش البشمركة من وزارة الدفاع المركزية دون الالتزام بسلطة الحكومة الاتحادية وإصرار الكرد على تنفيذ المادة 140 من الدستور العراقي التي تخص مناطق عراقية يدعى إقليم كردستان عائديتها لسلطة الإقليم تاريخياً وسيتم ترشيح اسم العبادي لمنصب رئيس مجلس الوزراء القادم وقد يكون العبادي أبرز المرشحين لهذا المنصب للرضا الإقليمي والدولي لأدائه في ولايته الأولى ولكن لتسارع الأحداث في أروقة بغداد فإن حدوث مفاجأة سياسية متوقعة الحدوث بإعلان مرشح جديد من خارج العملية السياسية الحالية وغير المرضي عن أدائها شعبياً وما زالت التظاهرات الغاضبة ملتهبة في معظم المدن العراقية ولها مطالب خدمية عديدة ممتدة لمحاربة الفساد والفاسدين من رجال الحكومات المتتالية منذ غزو بغداد في 2003م حتى يومنا هذا. وبرهنوا فعلياً على عدم الرضا بمقاطعة الانتخابات السابقة وبنسبة عالية جداً 80 % واتهام نتائجها بالتزوير!!.. وجاء الخرق الدستوري الثاني بتأجيل الجلسة الأولى للبرلمان ليوم 15 من الشهر الحالي وذلك لانسحاب ائتلاف البناء المدعوم إيرانياً وحسب النص الدستوري أن يتم انتخاب رئيس المجلس ونائبيه خلال الجلسة الأولى ولم يتم ذلك ويعتبر انتخابهم غير دستوري بل توافقي غير مشروع.. ومن أقوى المرشحين لرئاسة البرلمان السيد أسامة النجيفي وينافسه السيد طلال الزوبعي ومحمد تميم وأحمد الجبوري ومحمد الحلبوسي وتنشغل الكتل السياسية في الأسبوع القادم لبدء الحراك الجاد لتشكيل الوزارة الجديدة وإذا تم اختيار الدكتور حيدر العبادي لرئاسة الوزارة الجديدة من المحتمل أن يترك حزب الدعوة ويصبح شخصية مستقلة لتأليف أول وزارة وطنية عابرة للمحاصصة والطائفية ومن المؤمل أيضاً استقلال القرار العراقي عن الطوق الإقليمي والدولي، الأيام القليلة القادمة ستولد قرارات حازمة تغير المشهد العراقي الملبد بغيوم الرشاوي والإغراءات والتنازلات عن حقوق الدولة جغرافياً وسياسياً وبالذات في مجال التراب الوطني المتنازع عليها مع إقليم كردستان ولا بد من إدراك أن الغليان الشعبي لن يهدأ إلا إذا تم تشكيل وزاري من تنكوقراط نزيه مخلص يسعى من أجل المصالح العليا للشعب العراقي والساعية لبناء دولة المؤسسات تحت مظلة المواطنة وسيطرة سلطة القانون وشعارها السلام في الداخل والخارج.