عثمان أبوبكر مالي
خلط كبير أصبح يسود عند كثير من الجماهير الرياضية بين (النقد والرأي والقرار) من خلال ما يُطرح في وسائل التواصل الاجتماعي (الإعلام الجديد) رغم الفارق الكبير بينها..
البعض يطرح رأيًا، ويعتبره نقدًا، وهناك من يعرض نقدًا، ويريده قرارًا، والبعض عنده اعتقاد أن من السهل جدًّا أن يصبح ناقدًا وصاحب رأي عام وفي الوقت نفسه يكون (صانع قرار)، وذلك غير ممكن وغير صحيح إطلاقًا. والأمر يعود لفهم خاطئ لمعنى ومفهوم المصطلحات الثلاث، والفرق بينها عند كثيرين من رواد (السوشيال ميديا).
الرأي هو (وجهة نظر) شخصية، يطرحه صاحبه في أمر أو جهاز أو جهة أو عمل يحبه أو يتابعه أو يهتم به، يعبِّر من خلاله عن مشاعره أو معتقداته، سواء اتفق أو اختلف معه الآخرون، أو كان رأيه لا يستند إلى دليل، فقد يكون وفقًا لأمانيه أو رغباته أو تطلعاته، وهو حق مشاع لكل إنسان (سوي).
أما النقد فهو فحص وكشف وإبراز لجوانب النقص والخطأ في العمل من غير تجاهل الجوانب الحسنة أو الإيجابية. وهو يكون إما لعمل (منتهٍ) في وقته، أو بعد انقضاء وقت كاف من مدته وإن لم يصل لنهايته، دون أن يكون (تقييمًا) ولا حكمًا نهائيًّا؛ فالحكم والتقييم لا يتمان إلا بعد انتهاء العمل واكتماله، أو عند انقضاء (وقت كافٍ) من مدته المقررة أو المتوقعة.
أما القرار فهو خطوة أخيرة، تُتخذ بعد التفكير، وأخذ الخطوات اللازمة بحثًا عن تصحيح المسار، أو تغيير الحال لمصلحة عامة للجهة أو الجهاز المستفيد منه، وذلك من قِبل (السلطة) أو القوة القادرة والمخولة بتقييم العمل والحكم عليه من جميع جوانبه. وأقصد بأخذ (الخطوات اللازمة) دراسة الجوانب التي تتعلق بالقرار وحيثياته ونواتجه والفوائد أو الأضرار التي يمكن أن تنشأ من جراء الأخذ به.
إن من يُعدُّ ناقدًا، أو من يقدم رأيًا، ويطلب أن يتحول طرحه إلى قرار أو حتى (مسودة) قرار، أو أن يمر القرار (الرسمي) من خلال ذلك، إنما يكشف عن (هشاشة) في فهم واجبه ودوره وقيمة طرحه؛ وذلك ما يؤدي إلى عدم الالتفات من قِبل (صانع القرار) الحقيقي لكثير مما يُطرح، حتى وهو رأي أو نقد؛ لأن صاحبه وضعه فوق موضعه وما يستحقه؛ فيصبح مصيره الرفض أو التجاهل أو سلة المهملات!
كلام مشفر
* الرأي هو نتاج خبرات الشخص وتعليمه وتجاربه المتراكمة. والنقد الحقيقي يطرح حلولاً أو خيارات لتجاوز الخطأ الذي يُنتقد؛ حتى يتطور العمل أو يتحسن على الأقل. وهو لا يكون إقصاء، فجعل الحل في النقد الإقصاء لمن هو بعيد عن دائرة تقييمه أو الحكم عليه (نقد سلبي)، يضخم الخطأ، ويهدم العمل.
* الحقيقة دائمًا شيء يمكن إثباته، أو هي توصيف لواقع متفق عليه، كالرياضة مثلاً. والرأي لا يكون حقيقة، واعتباره كذلك يهوي به، ويقود إلى أخطاء كثيرة، لكنه تفسير الحقائق بتقديم الحجج والبراهين.
* أسوأ أنواع النقد هو الذي لا يعتمد على أسس أو قواعد، وليس فيه معايير، ولا يقدِّم حججًا أكيدة أو أمثلة واضحة، ويتجاهل الإيجابيات، ويركز على الانتصار للرأي إلى درجة الرغبة في الانتقام.
* بعد أن تعرضت مواعيد مباريات الجولة الأولى للنقد الشديد في تقارب أوقات المباريات، أو تزامنها، ستشهد مباريات بطولة كأس الأمير محمد بن سلمان للمحترفين بدءًا من الجولة الثانية تغييرًا كبيرًا في مواعيد وانطلاقة المباريات، خاصة مباريات الفرق الكبيرة. كان النقد الموجَّه صحيحًا وواقعيًّا؛ فجاء الرد تفاعلاً وتجاوبًا.. فالهدف هو النجاح وإرضاء جماهير اللعبة.
* مثل كل البدايات جاءت الجولة الأولى من الدوري، ولم تكن المستويات مكتملة، ولا العطاءات واضحة، ولا النتائج مُرضية، لكنها أعطت مؤشرًا أوليًّا لحقيقة التوقعات التي تبشر بتقلص كبير في الفوارق، وبمواجهات صعبة، وموسم ساخن، يتناسب وما صُرف عليه، والاسم الكبير الذي يحمله.
* منذ أن جاءت حتى قبل أن تتسلم عملها، وتوزِّع مقاعدها، عملت إدارة نادي الاتحاد بهمة واجتهاد، وأخذ القرارات بصمت وتأنٍّ وحكمة من أجل عودة قوية لعميد الأندية السعودية وكبيرها إلى الواجهة، والنمور إلى موقعها الحقيقية. وهي تملك القدرة والكفاءة والملاءة والدعم، ولا ينقصها سوى اتضاح الرؤية، ومن ثم (اتخاذ الخطوات اللازمة) بما يحقق مصلحة النادي، من غير (وصاية) من أحد.
* أحسنت إدارة نواف المقيرن بقرارها (تجديد) الثقة في مدرب الفريق السيد رامون دياز، ومنحه فرصة كاملة لتعديل المسار، وتصحيح الأخطاء بعد المواجهة ومناقشة الملاحظات التي طرحت، والنقد البنّاء الذي تلقته بعيدًا عن الصدام، و(قرارات) الانفعال التي تهدم ولا تبني.