د. جاسر الحربش
حسب الواقع السياسي تتمتع الحكومة الألمانية بأفضل سمعة تجاه الأجانب مقارنة بكل الحكومات الغربية، ومع ذلك تنشط في ألمانيا التيارات العنصرية الشعبوية بتسارع، ولكن أقل من إيطاليا والنمسا والمجر.
سيدة تبلغ من العمر اثنتين وأربعين سنة ألمانية الجنسية بالولادة في العاصمة الألمانية برلين لأبوين مهاجرين قدما إلى ألمانيا قبل خمسة عقود. هذه السيدة الألمانية بالولادة متزوجة من ألماني قح الأصول ولهما أطفال واندمجت في الحياة الألمانية الاجتماعية والسياسية حتى أصبحت عضواً يمثل الحزب الاشتراكي الديموقراطي في البرلمان الألماني. في تحقيق صحفي موسع ومقابلات مع عديدين من الألمان ذوي الأصول الأجنبية كانت تلك السيدة ضمن المتحدثين. التحقيق نفسه كان بمناسبة اعتزال اللاعب التركي مسعود أوزيل من فريق كرة القدم الذي كان فيه النجم اللامع وأصبح من أهم اللاعبين في المنتخب الألماني في المباريات الدولية.
للتوضيح، اللاعب مسعود أوزيل مولود هو وإخوته في ألمانيا لوالدين مهاجرين من تركيا قبل نصف قرن تقريباً، فأصبح أبناؤهم منذ الولادة من حملة الجنسية الألمانية ولا يعرفون غير اللغة والحياة الألمانية. في زيارة رياضية لبريطانيا حصلت مقابلة صدفة بين اللاعب الألماني مسعود أوزيل والرئيس التركي أردوغان الذي كان يزور بريطانيا وانتشرت لهما صورة سيلفي في الإعلام الأوروبي والألماني. منذ ذلك اليوم أصبح اللاعب مسعود أوزيل يتعرض للمضايقات والتعليقات العنصرية من زملائه في فريقه الرياضي وفي الشارع والمطعم وتقريباً في كل مكان يظهر فيه. يعلق مسعود أوزيل على ذلك: عندما ظهرت في صورة مع المستشارة انجيلا ميركل ولعبت للمنتخب الألماني الدولي اعتبروني ألمانيا وأنا كذلك. ولكن عندما صورت صدفة مع الرئيس التركي اعتبروني أجنبياً من الأتراك وأنا لست كذلك.
أعود للسيدة في بداية المقال. تقول إنني كنت بسبب ملامحي المختلفة قليلاً عن الألمان أتعرض للإهمال أثناء مراجعات بعض الدوائر الرسمية، ولبعض التعليقات العنصرية في بعض الأماكن بالرغم أنني أعتبر نفسي ألمانية بالكامل وأتحدث الألمانية مثل الألمان وأصبحت عضواً سياسياً في أحد الأحزاب الرئيسية. في أحد الأيام ذهبت مع عائلتي للتنزه واستئجار قارب نهري، وعندما حاولت استئجار القارب من صاحب المحل أشاح بوجهه عني وأصر على التحدث مع زوجي فقط، فقلت له إنني ألمانية مثله مولودة في ألمانيا وأمثل الحزب الاشتراكي الديموقراطي في البرلمان الألماني. عندها نظر الرجل إلي متفحصاً ثم قال: الحمار يبقى حماراً حتى لو ولد بين الخيول.
انتهى المقال وأوصيكم بوطنكم خيراً عضوا عليه بالنواجذ.