د.دلال بنت مخلد الحربي
أكد موسم الحج ما تقدمه المملكة العربية السعودية في سبيل راحة الحجاج، ليس فقط لأداء المشاعر، ولكن في تنقلاتهم ووسائل راحتهم وليس أدل على ذلك ما نشهده من تنقلات لهؤلاء داخل مكة والمدينة فهم يؤدون المناسك ويقومون أيضاً بقضاء حوائجهم بشراء مايتوافر في الأسواق السعودية من تجهيزات وأدوات وهدايا يحملونها إلى بلادهم ومعها ذكريات عما شهدوه ولمسوه في هذه الأرض الطيبة من تعامل وتسهيل وضيافة ورعاية طبية.
وتشكل الأخيرة وهي الرعاية الطبية أهمية بالغة لمقدار عناية المملكة بالحجاج خارج ما هو مطلوب منها فقد وصلت الرعاية الطبية إلى إجراء عمليات جراحية دقيقة وفق ما تناقلته وسائل الإعلام، وكل هذا في إطار شعور المملكة بمسؤولياتها الكبيرة تجاه حجاج بيت الله، واتجاه زائري الأراضي المقدسة.
ولا شك أن من أكبر الأمور التي كسبتها المملكة من قضية الحج هي إدارة الحشود فأصبحت واحدة من أهم وأميز البلدان تخصصاً في هذا المجال وأصبحت مرجعاً بات الكثير من الخبراء الذين يعملون في هذا المجال (إدارة الحشود) يتساءلون عن هذه القدرة الفائقة في إدارة عدد كبير من البشر في منطقة جغرافية محددة، وفوق كل ذلك أن هذا العدد هو أكثر من مائة جنسية مما يعني اختلاف اللغات والعادات والثقافات، ومن ثم يتطلب الأمر إيجاد الوسائل والسبل التي تعين على التعامل مع هذا الحشد المتنوع لغة وثقافة.
ومن منطلق هذه التجربة الكبيرة التي تتوفر للمملكة في إدارة الحشود أتساءل إن كانت هناك جامعة داخل المملكة تعنى بهذا الأمر وتقدمه كبرنامج دراسي يستفاد منه في إدارة الحشود في غير أوقات الحج، ويتاح للآخرين عبر منح دراسية الالتحاق بهذا البرنامج الجامعي.
قد تكون هذه الفكرة طرحت من قبل، ولكن أردت أن أثيرها من جديد لعلها تحظى بالقبول، فتعمل جامعة أو أكثر على تبني مثل هذا البرنامج.
إلى أولئك الذين يتشدقون بأمور صغيرة للإساءة للمملكة نقول إن مجرد السيطرة على هذا الكم الكبير من البشر وتنظيم حركتهم وتيسير أمر تنقلهم وتواصلهم يجعل من أولئك الناقدين بغير حق يشعرون بخطأ ما يذهبون إليه، هذا إذا توافر لهم الضمير الحي والروح التي لا تتكئ على التشفي وحب الإثارة حتى في تناول الموضوعات الناجحة تماماً كما هو وضع المملكة العربية السعودية في إدارة وتنظيم الحج.