د. محمد عبدالله الخازم
اتخذت في الماضي عقوبات وصلت حد فصل طلبة جامعيين لأسباب متنوعة. البعض أيد والبعض تعاطف مع الطلاب -كان الجدل أكبر في قضايا الطالبات- وجزء من اختلاف وجهات النظر مرده تواضع مدونات الحقوق الطلابية. مع بداية عام جامعي جديد أسأل؛ هل استفدنا من دروس الماضي في تطوير اللوائح والأنظمة، أم سننتظر تكررها وتكرر الإثارة الإعلامية حولها وحينها لن يسمع الصوت وقت الضجيج؟ هل يعلم الطالب/ الطالبة حقوقه وآليات البحث عن حقوقه والدفاع عن نفسه؟ هل تم شرحها في أيام أو أسابيع التهيئة؟
أكرر المطالبة بتطوير -أو تأسيس- منظومة الحقوق الطلابية التي تبين الحقوق والواجبات والعقوبات والسلوكيات؛ بكل مؤسسة أكاديمية أو تعليمية، وتحديداً أرى ما يلي:-
* يجب مراجعة لوائح تأديب الطلاب والطالبات وتحديد أو تعريف السلوكيات والمخالفات المستوجبة للتأديب بشكل واضح حتى لا يكون الأمر اجتهادات، بعضها اجتماعي أو أيدلوجي يعارض الاختلاف وحرية التعبير والسلوك. يجب أن تبنى اللوائح بطريقة قانونية توضح آلية التدرج في العقوبات وآلية التظلم من القرارات وفق درجات متنوعة، حتى لا تبنى القرارات على أسلوب إداري فردي متسلط، ويتاح للطالب أو الطالبة الاستئناف والتظلم وشرح وجهة نظره والاعتذار، قبل صدور الحكم النهائي.
* يجب تاسيس جمعيات/ مجالس مستقلة عن إدارة الجامعة وتمثل الطلاب، يكون من صلاحيتها الدفاع عن الطلاب أمام الجامعة والكليات والأقسام والأساتذة. من حق الطلاب أن لا يكون الخصم هو الحكم. الطالبات، على سبيل المثال ربما احتجن الإستعانة بمن يمثلهن ويدافع عنهن أمام سلطة الجامعة، في ظل خشيتهن من معرفة أسرهن بتلك التهم والخوف من انحياز الإدارة الجامعية الرجالية ضدهن، فهل يوجد جهة موثوقة تمثلهن وتحافظ على خصوصيتهن؟
* يجب أن يوجد بكل جامعة مركز إرشاد وعلاج، نفسي واجتماعي وأكاديمي، يحال إليه الطالب المحتاج للإرشاد والمشورة والعلاج. لا يفترض إصدار العقوبة أو الفصل قبل منح المتهم الدعم والإرشاد والعلاج، إن احتاج. الجامعات مؤسسات تربوية يجب أن تستحضر مسؤوليتها الإصلاحية، العلاجية، التثقيفية، والإرشادية. يجب تنظيم ذلك بشكل يحفظ كرامة وأسرار الطلاب.
* يجب التفكير في منظومة أعمال وعقوبات بديلة تساند الإصلاح وتسبق قرارات الفصل والعقاب الصارم. مثال العمل في المكتبة أو المعمل أو الكافتيريا أو المركز، أو القيام بعمل تطوعي مجتمعي منظم، أو فرض كورسات ومحاضرات تتعلق بالثقيف والإصلاح، كتلك المتعلقة بالعنف أو بتطوير مهارات التواصل أو تطوير هواية محددة... إلخ. الجامعة يفترض أن تكون مليئة بالأعمال المناسبة لهذا الحال.
* يجب كتابة وإعلان تفاصيل الخطوات أعلاه وتعريف الطالب والإداري والأكاديمي بها لتكوين منظومة حقوقية طلابية شفافة يدرك الجميع تفاصيلها وآليات تطبيقها..
لقد قرأنا إدانة محكمة لأستاذ جامعي أساء لطالب، ولو كانت منظومة الحقوق الطلابية مكتملة في الجامعة وكانت هناك ثقة لدى الطالب في نظام وعدل جامعته لما اضطر للجوء لجهة خارج الجامعة. المنظومة الحقوقية الطلابية وما تشمله من عقوبات وتقاضي وإصلاح وعلاج، في جامعاتنا، تحتاج تطوير ودعم عبر تشريعات وثقافة وممارسات إدارية وتعليمية متكاملة.