فضل بن سعد البوعينين
لم تكن أرامكو السعودية محورا للقصص الإخبارية كما هي عليه اليوم. توجه الحكومة لطرح 5% من أسهمها للاكتتاب العام، جعلها «في اهتمام الإعلام»؛ وفرض على رئيسها المهندس أمين الناصر التعامل الدائم مع وسائل الإعلام الغربية والتخلي عن بعض تحفظه الذي ربما فرضته ثقافة العلاقة التقليدية مع وزارة الطاقة.
أحسب أن مجمل تصريحات المهندس الناصر ومقابلاته التلفزيونية في الفترة القصيرة الماضية تفوق بأضعاف كثيرة مخرجاته الإعلامية منذ أن تسنم رئاسة الشركة، وهو أمر إيجابي ولا شك؛ كما أنه يعزز شخصية أرامكو المستقلة كشركة تتمتع بالاستقلالية وتمتاز بتطبيقها معايير الحوكمة في جميع شؤونها الخاصة.
تحول سياسة أرامكو الإعلامية، وزخمها كانا من ثمرات مشروع الخصخصة، بالإضافة إلى الحوكمة والمراجعات المالية والاستثمارية والهيكلية. وبالرغم من الزخم الإعلامي الذي حظيت به وظهور رئيسها المتكرر للإعلام المحلي والعالمي؛ بدا التناغم بين ما يصدر عن معالي وزير الطاقة المهندس خالد الفالح ورئيس أرامكو في مستوياته القصوى؛ ما يعكس التنسيق والتجانس الإداري.
توقفت عند تركيز بعض وسائل الإعلام الغربية على كفاءة أرامكو الإبداعية وانغماسها في مجالات التطوير والإبتكار، بعد أن ركزت لعقود، على حجم الإنتاج وعمليات التكرير، وبمعزل عن مخرجات أرامكو التقنية ومراكزها البحثية الموزعة حول العالم.
جريدة «وول ستريت جورنال» الأميركية نشرت تقريرا بعنوان «أرامكو السعودية... تريد أن تكون ينبوع الاختراعات العلمية»، تحدثت فيه عن مبادراتها في مجال التقنية والابتكار، وتفوق الشركة «على منافسيها في براءات الاختراع في إطار سعيها لزيادة النفط المستخرج من باطن الأرض واستحداث استخدامات جديدة لمنتجاتها البترولية». أشارت الصحيفة إلى منح مكتب براءات الاختراع والعلامات التجارية الأمريكي عدد230 براءة اختراع العام الماضي، ما أهلها لاحتلال المرتبة الثالثة بين شركات النفط. سوائل تكسر التكوينات الصخرية الحاملة للنفط باستخدام الجسيمات الدقيقة، وقاعدة تثبيت الروبوتات المتنقلة المستخدمة في حقول النفط، وتقنيات إزالة الكربون من الوقود؛ والروبوت الصغير القادر على فحص خطوط الأنابيب البحرية؛ من أهم براءات الاختراع التي حصلت عليها الشركة.
مشروع طرح أرامكو أسهم في تسليط الضوء على مخرجاتها التقنية ومقوماتها المعرفية والابتكارية وتسبب في إعادة هيكلة سياستها الإعلامية وانفتاحها على الإعلام الغربي بشكل احترافي وغير مسبوق.
أختم بالتأكيد على أن مشروع طرح أرامكو مرتبط بالقرار السيادي وخاضع للمراجعة الدائمة لضمان تحقيق الأهداف الإقتصادية و الوطنية الإستراتيجية؛ وتعظيم المنفعة وحجب المخاطر، ومهما كانت مآلات مشروع الطرح وتجاذباته بين التنفيذ، و التأجيل، أو التعليق؛ فتبقى إنعكاساته التنظيمية، الإستثمارية، المالية والإعلامية من المكاسب المهمة التي حظيت بها الشركة والوطن، والخيرة فيما اختاره الله لبلد الحرمين الشريفين.