رجاء العتيبي
ليس بالضرورة أن تكون (مؤثرا) بمجرد أن لديك منصة على قنوات التواصل الاجتماعي، وليس بالضرورة أن الناس يستمعون لك بمجرد أن لديك عددا كبيرا من المتابعين، لأن الأمر يعتمد على أمور شتى تحدد صدق ما وصفت نفسك به إن كنت (مؤثرا) حقا، أم أن الأمر لا يعدو سوى (سوالف) ليل.
التأثير حالة يصفك الناس بها، وليس لك الحق أن تقول عن نفسك ذلك، وحتى لو قلت إنك مؤثر، فالأمر لا يتعدى وهما تكتشفه لاحقا، وحينها تقبّل الأمر برحابة صدر، ولا تحزن ولا تغضب ولا تقارن نفسك بالآخرين، خذ رأي الصادقين ثم استجمع قواك وابدأ من جديد بداية صحيحة من دون أوهام فلعلك تصل، والدنيا تجارب.
ربما نتوقف كثيرا عند أناس يطلقون على أنفسهم (مؤثرين) لمجرد أن حصيلة المتابعة لديهم (مليونية) لا نعلم كيف جاءت تلك الملايين من البشر، تركت هذا وذاك والتحقت في حسابه زرافات ووحدانا، والحساب - أصلا - لا يقدم سوى حكم وأمثال وتوجيهات دينية وقصائد وسوالف مستقاة من الحياة اليومية، يمكنك الحصول عليها من محركات البحث على الإنترنت.
لا تتعجب من أناس يشترون متابعين ورتويت وإعجاب وتعليقات وهاشتاقات، فالأمر يفسره (الهوس) بالشهرة والبحث عن المكانة والمال، وإلا بماذا تفسر حساب لشخصية دينية أو فنية أو اجتماعية لديه (20) مليون متابع، هل يعقل أن كل (الشعب) محليا وإقليميا وعربيا يتابعه؟ وتغريداته كلها (السلام عليكم)، (صباح الخير)، و(بعضا من الأدعية) !!! أو قص ولصق من مختارات شعرية وغنائية ومقاطع فيديو لمواقف مدهشة.
يكاد يتفق الجميع على أن (قنوات التواصل الاجتماعي) لا تعكس الصورة الحقيقية لصاحب الحساب الذي (يتميلح) أو (يدعي) أو (شوفوني) أو (يهايط)، وبات عند المتابعين وعيا أفضل من السابق عن حقيقة هؤلاء البشر الذين ما زالت قنوات التواصل الاجتماعي تطفح بهم.
تويتر تحديدا بات ساحة للمنافسات والدعايات، ومن جهة أخرى بات مسرحا لحرب إلكترونية شملت الكرة الأرضية، وأظن أن قضاء وقتا في تعلم (الأمن السيبراني) أمرا مجديا وضروريا ومهما، ويستحق دعمه بميزانيات كبرى تصل لحد الدعم العسكري التقليدي.
كان للهيئات والمؤسسات التي أنشأتها الدولة للأمن السيبراني مؤخرا دورا فعالا في تغيير مسار العمل مع قنوات التواصل الاجتماعي وبات لدينا اتجاها نتفخر به ناطح الحسابات السوداء وكان سدا منيعا كفانا - بعد الله - شرورا لا حصر لها، وجنب وطننا خطر الذباب الإلكتروني.
من جانب آخر، ودعوة للتصحيح محليا، أظن أن تجريم (الإساءة للذوق العام) أمرا ضروريا يؤكده المحتوى الهزيل الذي ينتجه البعض لدينا، بصورة غير واعية لتكون قنوات التواصل الاجتماعي لدينا (فعل حضاري) و(فعل أمني) مؤثران على نطاق واسع.