أ.د.عثمان بن صالح العامر
الفترة الذهبية للتحصيل العلمي، وتنمية المهارات الشخصية، وتعزيز المعارف العامة، هي سنوات الدراسة الجامعية، ولذلك ينصح الأستاذ الأكاديمي طلابه - في أول محاضرة له - بأن يستفيدوا من سنواتهم الجامعية الاستفادة القصوى، ولا يقللوا من شأن أي معلومة عامة أو تخصصية تسنح لهم الفرصة لسماعها من أساتذتهم داخل القاعة، أو الاطلاع عليها في المراجع العلمية المعتمدة لكل مادة يدرسونها التي يحيلونهم عليها أساتذتهم في بداية كل فصل أكاديمي، إذ بعد هذه السنوات التي لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة ستكون حياة العطاء والبذل لا التحصيل والأخذ غالباً، وسيكون ما ناله الطالب واكتسبه من معارف وعلوم ومهارات هو وقوده حين خوضه غمار الحياة الأسرية والمهنية والاجتماعية العامة.
كثيرون أعرفهم يتحسرون اليوم على تفريطهم إبان سنوات دراستهم الجامعية، يتمنون لو لم يكتفوا بالبحث عن النجاح، واستطاعوا أخذ ما لدى أساتذتهم الأكاديميين من معارف وعلوم تخصصية هم اليوم أشد ما يكونون حاجة لها.
إن من يقف أمامك لم يكن له أن يكون في هذا المكان إلا بعد أن أمضى سنوات من عمره بين الكتب، ويقلب صفحات الرسائل والأبحاث المتخصصة، أستاذاً كان أو مشاركاً أو مساعداً، قبل هذا لم يصطفَ من بين أترابه ليكون ضمن منظومة الهيئة الأكاديمية في هذه الجامعة أو تلك إلا لتميزه غالباً، ولذلك أرعه سمعك وانصرف إليه بكل عقلك، حاوره، ناقشه، ولا تعتقد أن هذا الأمر سيضايقه أو يؤثر في تقديرك عنده، فالأستاذ الحق هو من يجعل القاعة الأكاديمية منبراً للحوار المسؤول، والمدارسة والتحليل، ومن ثم النقد والرد إذا كان لهما مدخل ومجال، الأمر الذي يتولد معه الفهم العميق جراء جعل المعلومات تصل سلسلة سهلة وتستقر في ذهنية الطالب عن قناعة شخصية لا لمجرد أن الطالب تلقاها من أستاذه.
طبعا هذا الأمر العزيز الذي يجب على الطالب الجامعي الحرص عليه يستلزم التخطيط الجيد من أول الفصل، الحضور والمتابعة، والرجوع إلى مراجع المادة المعتمدة وعدم الاكتفاء بالمذكرات التي تباع في المكتبات، وإذا كلّف ببحث أو كتابة مقال أن ينبري له بنفسه ولا يشتريه من المكتبات التجارية ومراكز خدمات الطلاب التي صارت تتولى إعداد كل شيء تحتاجه العملية التعليمية سواء في مراحل التعليم العام أو العالي للأسف الشديد.
لنبدأ عامنا الدراسي والجامعي بِبسم الله وعلى بركة الله ولنحمد الله عز وجل أن جعل أيام إجازتنا نحن وأبناءنا أيام أنسا وسعادة ولَم يكدر لنا خاطراً. وفق الله الجميع لروزنامة شخصية متميزة، حافلة بالقراءة التخصصية المركزة، والكتابة العلمية الممنهجة، والتحصيل المعرفي العميق، واكتساب المهارات الشخصية والحياتية والأكاديمية الفاعلة، وكل عام والجميع بخير وإلى لقاء والسلام.