عمر إبراهيم الرشيد
يغمرني بعض من يقرأ مقالاتي أو من يصادف أحدها عبر وسيلة تواصل بكريم إطرائه وتعليقه على أحد المواضيع المطروحة، وهؤلاء إما كبارٌ أتعلم منهم أو من أبناء جيلي فتكون مرئياتهم إثراءً لي كذلك. أما القراء الشباب فإن لقراءتهم وتفاعلهم تأثيراً مماثلاً وجميلاً كذلك، كوني أفاجأ بمتابعتهم بل وحرص بعضهم على قراءة آرائي المتواضعة وما أكتبه هنا من قليل معرفتي. ذلك أن الجيل الحالي أو من يصغرني في العمر سنين عدداً، لا يتوقع من كثير منهم قراءة الصحف مع طغيان وسائل التواصل الاجتماعي والثورة التقنية التي وللأسف غلبت بواسطتها الثقافة السطحية، وثقافة الخبر والصورة بغض النظر عن مدى صحتها أو دقة معلوماتها. على أن وسائل التواصل والثورة التقنية عموماً ما زالت تعتمد على الصحافة العريقة ولا أقول التقليدية، محليًا وعالميًا وذلك في موثوقية الأخبار وعمق التحليلات والتقارير الرصينة، نظير اختلاف معايير النشر وضوابطها عن تلك التي في فضاء العالم الافتراضي. مع كل ذلك أجد من يقرأ في الصحافة سواء في صفحة الرأي أو غيرها، ومنهم من غمرني بكريم متابعته وتفاعله، ما يعطي انطباعاً حقيقياً بأن فئة لا يستهان بها من الشباب تحديدًا ومن الجنسين ما زالت تثق بالصحافة الجادة وتحترم ما تطرحه من شؤون حياتية وأطياف ثقافية ومعرفية. وكما يقال دوماً فإن القراء هم وقود الكاتب ومرآته، فكما يكتب لهم فإنه ينهل منهم ويستفيد فائدة عظيمة من آرائهم وتعقيباتهم فيما يطرح من شؤون وقضايا متنوعة. وبالطبع فإن القراءة الجادة تعني أيضا قراءة الكتب من روايات وثقافة وتطوير ذاتي، وهذا مشاهد لدى فئة من الشباب والفتيات ما يشكل عودة للقراءة وصحبة الكتاب، وليس أجمل من هذه الهواية!
وليس هناك كاتب أيا كان مجال كتابته لا يحفل بعدد متابعيه أو شهرة ما يكتب بين الناس، فالإنسان مجبول على حب الظهور وعلو المكانة وكاذب من ادعى خلاف ذلك إلا النوادر من البشر، إنما لا بد من التذكير بأن أعداد قراء الصحف ربما انخفضوا إلى الثلث أو أقل، وهم القراء الجادون وهذا في رأيي مزاج هذا الزمن وطبيعته، ويكفي أن أجد بعضاً من هذا الثلث سيدات وسادة من لهم من عمق التفكير وعشق المعرفة من يشرفني بقراءة بعض مقالاتي الصغيرة والتفاعل معها، ومنهم كذلك من ينتظرهم مستقبل ريادي في حياتهم العملية والاجتماعية.
هذا على الصعيد الاجتماعي، أما على الصعيد الرسمي فإنه مما يشرف الكاتب أن بعضاً ممن هم في موقع المسؤولية وصنع القرار في أجهزة الدولة رعاها الله من يقرأ ما يكتب في الصحافة من مواضيع وقضايا اجتماعية وثقافية، ومنهم من يعقب ويتفاعل مع ما يطرح. وقلت بعض وليس الكل بطبيعة الحال فالمسؤوليات والوقت والاهتمامات كذلك ليست متساوية لدى الجميع. هذه خواطر وددت إشراككم بها عن مرآة المجتمع وميدان فرسان الكلمة، مع فائق شكري وامتناني لكل من يقرأني وطابت أوقاتكم.