صيغة الشمري
ما زال الاتصال المؤسسي يعاني من ضعف شديد سواء في القطاع الخاص أو الحكومي، مع تحسن تدريجي في القطاع الخاص حول هذا المجال المهم جدًا، يقابله ضعف شديد في القطاع الحكومي -للأسف. وهذا ليس رأياً شخصياً بل نتيجة دراسات كثيرة تجريها جهات متخصصة يهمها تطوير أداء الموظفين بشكل عام بغض النظر عن أي قطاع كان انتماؤهم, آخر هذه الدراسات أجرتها الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد «نزاهة»، والتي كشفت من خلالها أن 69 % من موظفي الدولة لم يطلعوا على مدونة السلوك الوظيفي وأخلاقيات الوظيفة العامة، وهي نسبة كبيرة جداً ومؤشر خطير يكشف ضعف الاتصال الداخلي بين أروقة القطاع الحكومي مما يدل بشكل واضح على عدم وجود إدارة حقيقية وفاعلة قادرة على إدارة الاتصال المؤسسي بشكل احترافي. كما بينت الدراسة أن 63% منهم أفادوا بأن جهاتهم لم تنشر المدونة على موقعها الالكتروني، وهذا مؤشر خطير آخر يدل دلالة واضحة على أنه لا توجد إدارة اتصال مؤسسي تهتم بالعالم الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي، ولا زالت تدير الأمور بالطريقة التقليدية القديمة التي أكل الدهر عليها وشرب. كما تكشف الدراسة أيضًا بأنه ما زال القطاع الحكومي يحتفظ بإدارة العلاقات العامة والإعلام، ولم يتم تحويلها إلى إدارة الاتصال المؤسسي، مما يكشف عن أن القطاع الحكومي بحاجة ماسة جداً لإداريين وقيادات شابة تواكب عصرنا الجديد ومتغيراته المتسارعة. إن هذه الدراسة العظيمة التي تحسب لـ»نزاهة» واحترافيتها في أداء مهمتها الوطنية باقتدار والتي شملت ثماني قطاعات حكومية واستنطقت آلاف الموظفين، تعتبر من أهم الدراسات التي تم عملها مؤخراً والتي يجب الاستفادة منها من قبل موظفي إدارة الاتصال الحكومي التي شكلت قبل أشهر عدة لمعالجة هذا الضعف الكبير الذي تعانيه القطاعات الحكومية لتأتي «نزاهة» وتعلق الجرس للتحرك سريعاً من أجل معالجة الخلل، حيث إن هذه الدراسة كشفت عن السبب الجوهري والحقيقي والذي بسببه تبدو الصورة الذهنية للقطاعات الحكومية ضعيفة منذ عشرات السنين. إنها دراسة فريدة من نوعها وقيمة جداً، ويجب أن لا تمر مر الكرام، لأنها تشخص المرض بشكل دقيق وتصف العلاج أيضاً، ولم يعد أمام القطاع الحكومي سوى أن يتعامل معها بجدية تامة لأننا مقبلون على رؤية 2030 التي ستعري وتكشف أي تقصير أو ضعف في أي قطاع، ولن يكون هناك قدرة لأحد على تغطية إخطائه!