لبنى الخميس
انظر لما حولك من أشياء وأشخاص.. شهادات وإنجازات.. منتجات ومقتنيات.. هل تتمتع بجودة نوعية أو بقيمة كمية؟
بمعنى، الشهادات التي تجمعها من جامعات ودورات تدريبية ومؤتمرات تخصصية، هل هي من أجل تجميع أكبر «كمية» من الورق؟ أم هي فعلاً تعليم نوعي وعلم نافع تنتفع به لحاضرك ومستقبلك؟
الأصدقاء من حولك هل عددهم بالعشرات، لكن إن احتجت إلى صديق حقيقي يصفق لك وقت النجاح ويقف معك وقت الفشل.. لن تجد إلا واحداً أو اثنين أو ربما لا أحد؟! فتقف متأسفاً ومتحسراً لتردد «جزى الله المصائب كل خيرٍ.. عرفت بها عدوي من صديقي».
تحضرين العديد من «العزايم» و»تكشخين» لعشرات الحفلات والأعراس والاستقبلات خلال السنة.. لكن كم مناسبة فعلاً تسعدك؟ وتجدين فيها أرواحاً تشبهك؟
هل تمطر طفلك كل حين بعشرات الألعاب، ولكن إن أردت أن تحاور عقله وتحادث روحه، وجدت ما قدمته من هدايا ضاعف عزلته وأثر على مهاراته التواصلية؟
انظر إلى أثاث المنزل من حولك.. وقطع الأواني في مطبخك.. وعدد الثياب في خزانتك.. واسأل نفسك بصدق كم منها يخدمك فعلاً، وكم منها أنت تخدمه بالتنظيف والترتيب والتنسيق والاهتمام؟
كم قطعة اشريتها فزادتك غنى وسعادة؟ وكم قطعة ابتعتها فزادتك فقراً ليس مادياً فحسب بل معنوياً أيضاً لأنها لا تشبهك، ولا تمثل ذوقك ولا ترتقي لذائقتك لكنها كانت دارجة وعلى الموضة و»كلن لابسها»؟
هل تتابع عشرات المؤثرين وتستمع للعديد من المتحدثين، وتقرأ للكثير من الكتاب والمدونين، ولكن إن مزجتهم جميعاً سوف تجد النتيجة: منتجاً واحداً.. يقدم الفكر نفسه.. ويؤمن بالقناعات ذاتها.. ويمارس شكلاً ولوناً وبُعداً واحداً من الحياة؟
هل تشاهد كل يوم عوائل تحرص أن تنجب العديد والعديد من الأبناء ليملؤوا حياتهم.. فتتحول تربيتهم إلى عملية إنفاق لا رعاية وتربية حقيقة.. كون الفرد بحاجة إلى اهتمام ووقت وتفرغ ليكون نواة وبذرة صالحة وسط مجتمعه.
بعد أن تجيب عن هذه الأسئلة.. تذكر مبدأ رائعاً وعميقاً رغم بساطته (النوعية قبل الكمية).. القيمة قبل السعر.. الجودة قبل العدد.. انظر لأصدقائك ومعارفك، هل هم نوعية أم كمية؟ مناسباتك نوعية أم كمية؟ ما تمتلكه من قطع وملابس، نوعية أم كمية؟ سفراتك وإجازاتك، نوعية أم كمية؟
وإذا استطعت أن تجيب بصراحة تامة ومطلقة مع نفسك.. وامتلكت الوعي للتغيير الحقيقي فإن حياتك بأكملها ستتغير بعد إدراك هذا الموضوع رغم بساطته.