رمضان جريدي العنزي
البلاستيك مادة سهلة التشكيل بصور مختلفة، تتكون أساسًا من سلاسل تدعى البوليميرات، يتم استخلاصها من مواد البترول والغاز الطبيعي والفحم. من مزايا البلاستيك سهولة التشكيل، تعدد الألوان، رخص السعر وإمكانية إعادة التدوير.. لكنَّ للبلاستيك عيوبًا جمة، منها: صعوبة الإصلاح، إمكانية إعطاء رائحة غير مرغوب فيها، عدم احتمال الحرارة العالية، صعوبة التحمل، الليونة الزائدة وقابلية الثني والطي والتصغير. كما أن البلاستيك صعب التحلل؛ إذ يستغرق ما يقارب 4 قرون من الزمن للتحلل، كما أن حرقه يؤدي إلى انتشار غازات سامة، ودفنه في الأرض لا يحل المشكلة؛ فالمشكلة نفسها تنتقل من سطح الأرض إلى باطنها؛ فوجود البلاستيك في التربة يعني القضاء على الغطاء النباتي. ورغم رخص ثمن البلاستيك، وخفة وزنه، إلا أنه مُضر بشكل كبير بالصحة والبيئة. وكذلك فإن انتشار البلاستيك بكل أنواعه المختلفة بشكل عشوائي في الشوارع وفي الحدائق والمنتزهات، وعلى الشواطئ، يؤذي الناظر عند مشاهدتها نتيجة لتنافرها مع ما حولها من عناصر أخرى؛ فتشوه البيئة؛ فتؤدي إلى ما يسمى بالتلوث البصري.
إن هناك صنفًا من الناس يشبهون البلاستك مادة وقيمة وآثارًا جانبية وتلوثًا وخطورة.. هذا الصنف قد يكون صديقًا، أو قريبًا، أو رحيمًا، أو جارًا، أو مشرفًا على دائرة، أو مديرًا عامًّا لمنشأة، أو عضوًا بجمعية نفعية، أو في استراحة لمجموعة.. والأدهى والأمرّ أن يكون خائنًا لوطنه، وعميلاً لأعدائه، يناكف وطنه العداء صباح مساء، ومتفرغًا للتثبيط والتهويل والتأويل والإشاعة والترجيف، ورسم الصور الرمادية، وسرد «الحكايا» الباهتة، والتنظير السوداوي المقيت، وتصنيف الناس، ووضعهم في قوالب، يصنعها لهم، ويؤطرهم فيها، وفق الذوق والمزاج والغاية والمبتغى والمراد والهدف. إن هؤلاء الصنف من الناس الذين يشبهون البلاستيك لا أمان لهم مطلقًا، وليسوا موضع الثقة أبدًا، ولا يمكن الاطمئنان لهم بتاتًا، ولا الاستئناس بهم؛ لأنهم مثل الحرباء، ملمسها ناعم، وجلدها أنيق، وفي جوفها السم الزعاف، وكالثعلب يتماوت عندما يرى الصيادين، وإذا ما مروا بسلام من عنده وثب وفرَّ؛ ليمارس من جديد عادته القبيحة المتمثلة بالروغان والتمثيل والخديعة. إن أغلب هذا الصنف من الناس مثل الخفاش، لا يحب الشمس، ويكره النهار، ويحبذ بشكل لافت الليل والكهف والظلام، ويقتات على الدم. إن علينا وجوب الحذر من هؤلاء، ووضعهم تحت المجهر؛ لأنهم مخادعون متلونون، ومتقلبون، وبهم آفات خطيرة، يفعلون عكس ما يقولون، حتى لو ادعوا البياض، أو نادوا عليه؛ لأنهم يضمرون الشر، يعرفون أسراره وخلطته ومكوناته، ويجيدون اللعب على حباله. لقد انبرت هذه الثلة من الناس الذين يشبهون البلاستيك والخفاش والثعلب لبث سموم التفرقة بين العائلة الواحدة، واللحمة الواحدة، والمجتمع الواحد، وفق أدوار خبيثة غاية في الإتقان، مبتغين الخراب والشتات والدمار؛ لأنهم مجرد رؤوس معطوبة، لا عقل فيها، ولأنهم بلهاء يميلون كيفما تميل كفة المصلحة، ولأن سلوكهم عدواني استكباراتي استعلائي غروري، ولهم أحلام وتطلعات أكبر من أحجامهم، ولأن شخصياتهم متشابهة في الازدواجية والتناقض، ونهجهم واحد، وتحالفهم شر مطلق، ولأنهم يثيرون الفتنة، ويصيحون عليها؛ لهذا هم يجيدون كيفية إيقاد النار، وتكبير لهبها، وكلما خبأت زادوها قشًّا وحطبًا.. فيا عقلاء الناس أفيقوا بقوة، تبينوا هؤلاء، سترونهم من غير مجهر، حذِّروا الناس منهم بالبرهان الواضح، والدليل القويم، والحكمة البالغة، والمثال الحي، والحجة الدامغة؛ حتى ينعم المجتمع، وتعم الأمة بالأمان والسلام والازدهار والنمو والتطور والسؤدد.