عماد المديفر
لم تكد تعلن طهران عما أطلقت عليه: «كشف الستار عن مقاتلة جديدة محلية الصنع» قالت إنها: «فخر الصناعة العسكرية الإيرانية»، أسمتها «كوثر» وأنها متطورة جداً وتمثل «الجيل الرابع من الطائرات المقاتلة»، جرى تدشينها في «حفل مهيب» برعاية «المرشد الأعلى آية الله» خامنئي وبحضور الرئيس «روحاني» الذي أعلن شخصياً أمام الملأ أوامره بدخولها للخدمة العسكرية، ثم طفقت بهذا الخبر مهللة و«مزغردة» و«مخوفة» من أسمتهم «حلفاء الأمريكان» العديد من القنوات والمواقع الإخبارية اللبنانية والإخوانية والتركية والقطرية وغيرها، وأفردت لها المساحات والتقارير المصورة والقصص الإخبارية المطولة في نشرات الأخبار، بل وأفردت لها برامج تناقش (ما وراء الخبر) وكيف أن «إيران تكشف عن مقاتلة «كوثر» محلية الصنع في عز الأزمة الاقتصادية التي تواجهها وفي تحد للمجتمع الدولي»، وأنها «كشفت عن مقاتلة حديثة، صنعت محلياً مائة في المائة تحت اسم كوثر» وأنه «تم الكشف عنها خلال عرض عسكري بمناسبة يوم الصناعات الإيرانية بحضور الرئيس الإيراني» وكيف أن «إيران تنفق على الصناعة العسكرية المتقدمة» وأن لديها «العلماء والخبراء رغم الحصار، فيما الدول العربية لا تستطيع صناعة مسمار في محرك طائرة» بزعمهم؛ حتى تكشف للشعب الإيراني قبل غيره أن ذلك محض كذب وهراء، وأن تلكم «المقاتلة» الفلتة لم تكن في الواقع سوى بقايا طائرة F5 ، والتي اشترتها طهران من الولايات المتحدة الأمريكية زمن الشاه قبل 45 سنة تقريباً.. جرى صبغها بطلاء، و»توضيب» و»خرط» ماكينتها المتهالكة وغير الصالحة للاستخدام، ليمكن لها التحليق.. ثم ادعت أنها «فخر الصناعة الدفاعية الإيرانية» في يوم احتفال نظام عمائم الظلام بـ«يوم الصناعات الإيرانية»!
بدوره كشف «فريق التواصل» في وزارة الخارجية الأمريكية عبر حسابه في تويتر، وبالأدلة، هذه الأكاذيب، وسخر منها، مذكراً بكذبات سابقة من نظام التخلف في إيران، كنجاح تجارب إطلاق صواريخ باليستية قال إنها «أصابت أهدافها بدقة»، بيد أن الأمر لم يكن سوى خدعة تصويرية غير احترافية، تحاول أن تحاكي الخدع السينمائية.. غير أنها فاشلة، ساذجة، ومكشوفة.
الواقع أن نظام عمائم الشر والإرهاب في إيران دأب على مثل هذه الألاعيب الدعائية ظناً منه أنها قد تنفعه أو تخلق له «هيبة» ولو كانت مصطنعة.. لاسيما في الوقت الذي تمرغ فيه أنفه بالتراب، وكُسرت شوكته، وظهر ضعفه، وبان هراؤه واهتراؤه، وسقطت مقولته التي ما فتئ يرددها ساستهم ويخوفون بها الدول المهترئة بأنه: «لا سلام في الشرق الأوسط ولا استقرار بدون إيران» أي بدون عقد الصفقات والتفاهمات مع إيران، والحقيقة أنه لا سلام ولا استقرار في المنطقة إلا بإزاحة نظام العصابات الإرهابية عن حكم إيران، خاصة بعد أن تكشف للعالم أجمع أنه نظام دكتاتوري متخلف وفارغ، قائم على صناعة ودعم الميليشيات الإرهابية إن داخل إيران نفسها (كما هو الباسيج والحرس الثوري) أو في الدول العربية والإسلامية (كحزب الله والقاعدة والحوثيين وبوكو حرام وغيرهم) أي أن نظام ولاية (المرشد الأعلى) تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي عن طريق عصابات التخريب والإرهاب، ظناً منها أنها بهذه الطريقة إنما تمد نفوذها وسيطرتها، وتفرض أجندتها على المنطقة، وهو المعنى المقصود لقولهم: «لا أمان ولا استقرار بدون إيران».. فإيران تعرف حقيقةً أنها بالفعل وكما قال الأمير تركي الفيصل: «نمر من ورق لكن بمخالب فولاذية» والأمير يقصد بالمخالب عصاباتها الارهابية التي زرعتها ونشرتها في المنطقة والعالم، لكن مع دنو انتهاء القاعدة وداعش والحوثيين وقرب نهاية حزب الله، علمت طهران أنه جارٍ اقتلاع «مخالبها الفولاذية» من جذورها، وهو ما يعني قرب اقتلاع نظام عمائم الظلام من حكم إيران، لكن بأيدي الشعب الإيراني نفسه -وهو ما يقلق إيران فعلاً-.. ذلك الشعب الذي ذاق الأمرين من الشرذمة المتخلفة الحاكمة طيلة الأربعين سنة الماضية، وهذا ما يقودونا للنقطة الثانية والهدف الثاني والجانب المستهدف الآخر من هذا الاستعراض العسكري الفاشل، وهو الداخل الإيراني.
فنظام عمائم الشر والارهاب في إيران بدأ يستشعر فقدان سيطرته على الشارع الإيراني، فيحاول في مثل هذه الاستعراضات العسكرية الفارغة من المضمون أن يعيد لملمة الداخل، ويقنعه بقوته وأنه لا يزال يسيطر على الأرض، فيما الواقع أنه يكشف لشعبه بذلك -قبل غيره- إلى أي درجة من الضعف والاهتراء قد وصل.. ما يعني تماماً أن نهايته قد اقتربت.. وحين إذن يفرح المؤمنون بنصر الله.. ويتنفس الشعب الإيراني الشقيق الصعداء، ويتذوقون طعم الحرية.
إلى اللقاء.