د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
جاء استهلال وزارة التعليم للعام الدراسي الحالي بصياغة مختلفة حينما عقدتْ منتدى للمعلمين مع بعض الخبرات العالمية المنتقاة في الشئون والشجون التعليمية وهو استهلال جدير بصير، ونأمل أن يكون ذلك من محفزات النهوض لصناعة التعليم النفيسة!.
فهل سيكون المنتدى جمع لشتات أفكار المعلمين وتوجيهها للإنتاج التعليمي والتربوي الحقيقي العميق؟.. وهل سوف يؤسس لطاقات تعمل حسب خط إنتاج محدد لتشكيل جماعات عمل تربوية سعودية قوامها أولئك المعلمون لتركز كل محموعة على عنصر من مكونات التعليم المختلفة وتحقق الاندماج في الأطر والصياغات والنتائج بين المحلية الملزمة للاستيعاب، والعالمية المحققة للتطوير!؟.. وهل سيكون المنتدى قاعدة صلبة لبناء تراكمي لتوليد الإحساس الحقيقي بمسؤولية المشاركة في صناعة التعليم الذي يليق ببلادنا وعقول أبنائها التي أجزم أنها لوشُحِذتْ لقدحتْ!؟.. والأهم: هل تملك وزارة التعليم إستراتيجية متينة لتأطير عمليات نقل الخبرات أو المعلومات التي حلّ حاملوها العالميون ضيوفاً على المنتدى وطرحوا رؤاهم فيه؟.. وإذا ما سلمنا أن تعميم الفائدة كان متكأً أصيلاًَ لإقامة ذلك المنتدى، فهل كانت العينة المنتقاة كافية للاضطلاع بمهمة الناقل للميدان التربوي؟.. ومها تكن الأماني فإن المنتدى الدولي للمعلمين توجّه محمود لصناعة مستقبل التعليم من خلال الشراكة الجديدة مع المعلمين الذين كانوا شبه غائبين إلا لُماماً عن صناعة القرار التعليمي، وهم الرأسُ والجسد!؛ وأحسبُ أن الحراك في أروقة التعليم الذي يُعلنُ عنه تباعاً يفتقد للبث المباشر والوصول إلى المستهدفين والشواهد كثيرة تتصدرها المخرجات التي مازالت تنشد الإتمام وتحتاج إلى جرعات داعمة لن تصنعها المنتديات وحدها لأن المنتجات تصنع وتعبأ خارج المدارس، وافتقدتْ المدارس المعرفة العميقة فتضخمتْ النتائج واتكأ تقييم الطلاب على منابع ضحلة!؛ وإن حصدنا بعض الجوائز التي فتقتها لنا طيبة الذكر «موهبة « فالمبدعون مازالوا استثناءً قد نالوا ما نالوه من مكاسب من منابع ربما تجاوزت في جلّها مصانعنا!.
ونعلم بكل التوق والشوق أن التعليم دخل إلى رسم صورة المستقبل من خلال منظومة التغيير الوطنية الشاملة المضمنة في رؤية بلادنا الحضارية 2030 وأصبحنا نرقبُ نواتجها وإشراقاتها ولذلك فإن ترقية مستويات التنظيم مطلب أولي لإصلاح التعليم؛ وتلك غاية عظمى لا تقبل الانشغال بغيرها، ولا بد في صناعة النموذج الوطني للتعليم من الاستيعاب التام للمنظومة التربوية في جوانبها العقدية والنفسية والمعرفية والاجتماعية والاقتصادية، وهذه متطلبات المستهدفين في التحوّل المطلوب ولا يمكن لأي بناء نظري أن يصمد دون المعنيين بتلك المظلة.. وأن تكون التشريعات على مستوى النظام كاملاً في ظل وجود رؤية وطنية ملزمة للجميع والاهتمام بسد الثغرات والفراغات والتكرار في النظام، وأن يكون التنسيق على مستوى الكوادر البشرية؛ بمعنى الاستفادة من ذوي الاختصاص المتميزين، وأن يكون أصحاب الفكر قيمة يستفاد منها، ويعلم الله أننا اشتقنا للوصول لليقين التعليمي والتربية المتفوقة اشتياق صحارينا الشامخة للمطر؛ فكم يحتاج التعليم للبدايات الذكية والنهايات الأذكى.. وأحسبُ أن المنتدى الدولي للمعلمين من البدايات الذكية.