رقية سليمان الهويريني
حين حمل الدكتور أحمد العيسى حقيبة وزارة التعليم تعرَّض لانتقاد واسع بسبب تصريحه الشجاع بأن «المدارس تفتقر إلى المعلمين الحقيقيين؛ لاعتماد العملية التعليمية فيها على التلقين؛ إذ تقدم المعلومة جاهزة للطالب؛ وهو ما يحرمه من البحث والاستكشاف».
وكنت وغيري نتطلع لعلاج هذه العلة بوضع خطة جديدة لتهيئة المعلم، وسرعة تنفيذها من خلال المتابعة الحقيقية لمستوى الطلبة الواقعي؛ فتكون المعيار الحقيقي لتقييم المعلم.
وإني أعجب حين ألمس رداءة مخرجات التعليم بالرغم من أن ميزانيته تحظى بأكبر حصة من موازنة الدولة. والوضع يسوء لدرجة أن خريج المرحلة الثانوية حاليًا يعجز عن القراءة بطريقة صحيحة. أما الكتابة السليمة فهي أمر ميئوس منه! فضلاً عن عدم قدرته على الحوار والنقاش. وما يُكتب في قنوات التواصل الاجتماعي يعكس وضع التعليم حيث الأخطاء الإملائية المخجلة، وعدم الالتزام بالقواعد النحوية، والعجز عن صياغة العبارات.
إن وهن المناهج يلعب دورًا في تخلُّف أبنائنا عن ركب الحضارة؛ فطلبة الدول المتقدمة يتابعون أحدث الاختراعات العلمية الحالية، ويستشرفون المستقبل، بينما طلبة مدارسنا يدرسون الماضي وصراعات تاريخية غاية في القدم! وهو ما أوجد حالة سخرية وتكريس مقزز للحفظ. وفي الوقت الذي يشاهد فيه أبناء مدارس الدول المتقدمة (المجرة) بشغف وانبهار يتلقى أبناؤنا معلومات تفتقر للدقة!
وما لم تكن المدارس مراكز لبناء الإنسان الحديث، ومختبرات للاختراع والاكتشاف، ومعامل للأبحاث العلمية، ومنابع للتقدم والازدهار وتأصيل القيم.. فإننا سنستمر بتكرار جدلية التعليم والتخلف.
إن تطوير التعليم لا بد أن يكون استراتيجية حكومية، تحشد لها الكفاءات المتعطشة للتنمية والتحسين، وليست المتلهفة على المناصب والبدلات! وما لم تتوافر تلك الكفاءات فإن رداءة مخرجات التعليم ستظل حديث الصباح والمساء!
وتذكروا دومًا أن التعليم الذي لا يبني الفرد، ويُكسبه مهارات، ويغرس فيه القيم الأخلاقية، لن ينتج منه إلا عقول خاوية..