حميد بن عوض العنزي
في العقود الثلاثة الأخيرة شهدت اقتصادات العالم اضطرابات متتابعة، من المؤكد لها أسبابها التي قد لا نحيط بها، ولاسيما أن الاقتصاد والتجارة من أهم أدوات التأثير السياسي والضغوطات بين الدول، إضافة إلى التجاوزات الهائلة في كثير من الضوابط والتشريعات التي نتج منها أزمات مالية عالمية عدة.
الاقتصاد اليوم أصبح هو الموجِّه والمسيِّر لبوصلة كل شيء، بما في ذلك الحروب والصراعات التي تمثل جزءًا من صورة المشهد الضبابي الكبير والمظلم في بعض زواياه، الذي يكاد يملأ السماوات والأرض. ونشوب الحرب التجارية التي تقودها الولايات المتحدة بداية لجولات متبادلة بين المتنافسين، ولاسيما أمريكا والصين وأوروبا، قد تستمر طويلاً بطرق متعدد من فرض رسوم وحصار اقتصادي ومقاطعات واختراق وإغراق للأسواق وصناعة أزمات اقتصادية ومالية.
تأثيرات هذه الحرب تتفاوت من منطقة إلى أخرى من العالم. ووفق تقرير بنك الكويت الوطني فإن التأثيرات المرتدة لتلك النزاعات على منطقة الخليج تحدث إذا ما تضرر النمو العالمي، وانعكس سلبيًّا على أسعار النفط، إضافة إلى أن الزيادة في الرسوم ستؤدي إلى ارتفاع الأسعار في معظم الدول ذات الشراكة التجارية، وكذلك إذا ارتفع التضخم في أمريكا بسبب الرسوم الجمركية المرتفعة سيضطر الاحتياطي الفيدرالي إلى رفع سعر الفائدة بوتيرة أسرع؛ وهو ما سيدفع دول المنطقة إلى رفع معدل فائدتها نظرًا للحاجة إلى إبقاء ربط سعر الصرف بالدولار في غياب أي رقابة أو قيود على رأس المال. كما قد تؤثر الحرب على تدفقات رؤوس الأموال من الأسواق الناشئة إلى الأسواق المتقدمة، وبالأخص إلى أمريكا، بسبب ارتفاع سعر الفائدة وقوة الدولار. ولعل من المهم مراقبة مستويات وتغيرات نتائج هذه الحرب، وانتهاز ما قد يلوح من فرص تسهم في تغيير بعض التوازنات التي تحتاج إليها اقتصادات دول الخليج في هذه الفترة تحديدًا في خضم الأحداث السياسية والصراعات في المنطقة.