نادية السالمي
هل على زمار الحي أن يتكبر على وجعه، ويمضي في عزفه للأحياء المجاورة؟ أم عليه أن يرواد أهل حيّه على قبوله وتقدير فنه، لعلهم أن يطربوا فيحظى بتكريم يليق به في وطنه؟
لا أريد من صلب هذا السؤال في رأس الموضوع مسايرة «إميل سيوران» الذي يرى أن دور الكاتب الحقيقي تحريك الجراح والتسبب فيها - معاذ الله- لا أريد تحريك الجراح ولا التسبب فيها، وأبرأ إلى الله من جرح الزمار أو أهل حيه.
من وحي الواقع
أعلن الدكتور «سعد البازعي» عن برنامج سيكون الأول من نوعه، سيعرض في آخر شهر سبتمبر حول الترجمة في تلفزيون أبوظبي، وأرجو له التوفيق، والنجاح للبرنامج.
حقيقة أنا أتشرّف بنجاح أي سعودي وسعودية في داخل الوطن أو خارجه وهذا التفوق من دواعي فخري وسروري، فكل هذه الإنجازات تصب في صالح الوطن، وتعطي انطباعًا جيدًا عن كفاءاتنا الوطنية.
لكني بهذه المناسبة أود أن ألفت عناية الوزارتين الوزارة العتيقة «وزارة الإعلام» والوزارة الحديثة «وزارة الثقافة» أين أنتم من فكرة برنامج كهذا، بل أين أنتم من الالتفات لكوادرنا وطاقاتنا؟! إذا كانت فكرة البرنامج فكرة دكتورنا الفاضل وتقدم بها للإعلام السعودي، ولم تلق القبول.. ما دعاه إلى تقديمها لقناة «أبوظبي» فهذه مشكلة يجب وضع الحلول لها بالبحث عن الإجابة الصحيحة التي تقودنا لاستحقاقنا الثقافي والارتقاء بالحالة الثقافية السعودية، فلماذا إمكانيات مثل تلك التي نملكها تضيع هباء بسبب قلة التدبير؟!
أما إذا كانت الفكرة من قناة «أبوظبي»وتم اختيار «سعودي» للقيام بها فهذا إن دلَّ على شيء يدل على ما هو أكبر من تعاون بين شقيقين، دل على المستوى المتقدم الذي يحظى به أبناء الوطن وقدرتهم على صناعة حراك، وإدارة فكر يرتقي بالإنسان العربي. ولكنها تبقى مشكلة أيضاً، إذ ما الذي يدعو قناة «أبوظبي» للتفكير في برامج تثري به المشاهد المثقف في الوقت الذي يعجز غيرها عن التفكير في صنع برامج كهذه؟
عرقلة تقدم برامج كهذه التي تحاول لفت المتلقي لما هو أهم مما يعرض من برامج فارغة، ومسلسلات تافهة تشترى بمبالغ باهظة لا ينم إلا عن فقر فكري، وهدر لمقدراتنا وبالتالي هجرة كوادرنا.
أسباب هجرة الكوادر
عدم التقدير للمثقف والكادر الوطني.. التقدير المادي والمعنوي، فالدولة ولله الحمد غنية وتعطي، والمثقف أو المبدع بحاجة للثقة ودعم مشروعه، وحتى ندعمه لا بد أن ندخله كل بيت طالما أننا نملك شبكة إعلامية - تقليدية وغير تقليدية- واسعة، ونحاول أن يصعد في المحافل ونُيسِّر له هذا. السبب الآخر تقيد حرية المبدع وعرقلة إبداعه وإدارة هذا الإبداع بالبيروقراطية القاتلة التي من الممكن تجاوزها لو رغبنا فالهيكل المؤسساتي في الإعلام الحكومي والخاص يُعاني التردد والانهزام والنمطية، وإعاقة عقلية تقف حائلًا دون التطور لهذا يهاجر المثقف والمبدع في الصحافة، والثقافة وغيرها من منابع الإبداع إلى مؤسسات تملك خارطة طريق ورؤية إستراتيجية تفكر وتعمل خارج الصندوق، وتحرص على التقدير المادي والمعنوي للكفاءات العاملة معها.
مكمن الخطأ
معركتنا الحقيقة الاستفادة من كوادرنا والحيلولة دون مغادرتهم طالما أن الوطن في أمس الحاجة لها .
أما مسؤولية الخلل فتقع متفرقة على أطراف عدة في القطاع الخاص والحكومي وهم قادر لم يقدم ما يمكن للوطن أن يستفيد منه، وغني لم ينفق ماليًا أو فكريًا ليزداد هذه البلد في الرفاه الفكري والثقافي، قاعد يتفرج لم يبادر ولم يحرك ساكنًا، حتى لم يتكلم بما يصلح الوطن.