سمر المقرن
حشرة «السوس» قذرة جداً، وهي تصيب الثياب والطعام والحيوان والنبات، ولا تتركه إلا وقد نخرت فيه البلاء، وقد لا تترك الكائن الحي إلا وقد طرحته إلى حد النهاية فيموت وينتهي. وهذه الحشرة لها أشباه من المحسوبين على بني البشر، فهم يعملون تماماً مثلها لبث الفتنة بين أبناء البلد الواحد أو بين فرق وجماعات وأفراد من دول عربية أو إسلامية، بهدف بث الفرقة وجلب الكراهية والبغضاء والشتيمة لبلده ومواطنيه، وهو يقوم بكل هذه السلوكيات «السوسية» تحت شعار الوطنية الزائفة التي اقتحمت قلبه (فجأة) في ليلة وضحاها، بعد أن كان لا يتوانى في استغلال أي منبر إعلامي لا بالاسم الحقيقي ولا بالاسم الوهمي لشتم بلده والتشكيك في مؤسسات الوطن. الغريب أن هذه العينات من السوس البشري قبل سنوات ليست ببعيدة نجد تغريداتهم ملأت تويتر وكتاباتهم ومشاركاتهم في المنتديات وغيرها ما قبل تويتر، وهم لا يتركون صغيرة ولا كبيرة كمدخل ضد وطنهم إلا واحتفالاتهم قائمة على قدم وساق حولها. يعتقد هؤلاء أن الوطن والناس بذاكرة سمكة، ويعتقدون أن كلماتهم الوطنية الزائفة التي بدؤوا في كتابتها والترويج لها مؤخراً قد مسحت تاريخهم، إنما هي موضة المتاجرة بالوطنية بعد أن اندثرت الموضة السابقة التي كانت تقوم على المتاجرة بالدين!
وأقولها مرة أخرى إن الوطنية لا تأتي فجأة بعد أن يتقدم العمر، الوطنية هي نبتة مغروسة في أرحام أمهاتنا، لا تتبدل ولا تتغير لا بالمواقف ولا بالظروف ولا بالأشخاص، لأن الآراء والأفكار والاتجاهات هي التي تتبدل وتتغير وهذه طبيعة البشر، أما الوطنية فهي ثابتة لا تهتز مهما حصل، إنما السوس البشري وطنيتهم تابعة للمصالح الشخصية وكما كانوا يشتمون الوطن ويصادقون أعداءه قبل سنوات، فلربما غداً ينقلبون ضده، لأن قلوبهم مليئة بالكره والحقد والضغينة، ورغبتهم بالانتقام من كل ما هو وطني ليس وليد اللحظة ولا الموقف فكما كانوا يعلنون قبل سنوات عن كراهيتهم، فإن محبتهم للوطن اليوم -مشروطة- بل هي مدخل لبث الفرقة والعنصرية داخل هذا الوطن باسم الوطنية!
ما زلت أتابع بعض الشخصيات وكأني أمام مسرحية أعرف بداية القصة وأعرف نهايتها، لأن ماضي السوس البشري هو تفسير واضح لحاضر تصرفاتهم.. كفانا الله وهذا الوطن من شرورهم ورد كيدهم في نحرهم!