موضي الزهراني
في إحدى المدن الألمانية الصغيرة تفاجأت عند دخولي أحد المراكز التجارية بعدم استخدام «دورات المياه» إلا بمقابل وقدره (50) سنتاً، أي نصف يورو، والذي يعادل ريالان ونصف فقط!وعندما قدمت للعاملة عملة أخرى (تشيكية) والتي لاتقل عن المبلغ المطلوب رفضت ذلك، مما أضطرني للبحث عن العملة المعدنية لليورو ودفعه لها! وقد أعجبني موقفها وتمسكها بتطبيق النظام بالرغم من معرفتها بأنني عربية وسائحة ولَم تتهاون حينها بالتنازل عن المقابل لهذه الخدمة الهامة وخاصة في مركز تجاري! واندهشت كثيراً لتلك النظافة وتوفر الاحتياجات الضرورية في دورات المياه وهي بأعلى مستوى من الجودة! والذي لم يتحقق بلاشك إلا من المقابل البسيط الذي يدفعه عامة مرتادي المركز! فهذه الخدمة وإن كانت في بلادنا نعتبرها حقا مشاعا للجميع المواطن والمقيم، وهذا هو الواقع الفعلي حيث توفرها الدولة في المراكز التجارية والحدائق العامة، ومحطات الطرق العامة بدون مقابل! إلا أن الأغلبية مازال لايُقدرها ويسيء استخدامها ولايهتم بالمحافظة على ديمومتها وهي في أحسن حال سواء من المواطنين أو المقيمين!وقد وصل مستوى الكثير منها إلى وضع مزرٍ ولايصلح للاستخدام البشري والذي يُشكل خطراً على الصحة العامة من تدني مستواها الصحي! وبالرغم من التوجيهات المكتوبة عند مداخل بعض المرافق العامة إلا أنه للأسف الشديد لايوجد ذلك الحسّ الوطني لتقدير واحترام تلك الخدمات الهامة للجميع! لذلك أتمنى من وزارة الشؤون البلدية والقروية من خلال مبادراتها التحولية أن تساهم في الضبط السلوكي العام وذلك من أجل رفع مستوى النظافة في مرافقها المختلفة وعلى مستوى جميع المناطق!وأن تهتم إداراتها في مختلف المناطق بفرض رسوم رمزية أسوة بأغلب الدول والتي تعتبر هذه الرسوم مشاركة بسيطة من المواطن للمحافظة على هذه الخدمة الضرورية والتي تقدمها الدولة كحق من حقوقه العامة لكن في المقابل من واجبه الاهتمام بجودتها من أجل ديمومتها وهي بأحسن حال بالمشاركة الرمزية للمحافظة عليها! فالأنظمة الحقوقية لاقيمة لها بدون عقوبات ضابطة لتلك السلوكيات المرفوضة دينياً واجتماعياً، وأيضاً أنظمة الخدمات العامة لن تنجح في تحقيق أهدافها إلا بالرسوم المعقولة من مستخدمي تلك الخدمات كمساهمة بسيطة على مستواها العام، والإحساس بالمشاركة الوطنية التي ستعالج بلاشك الاستهتار بالمحافظة على مستوى مُشرَّف للخدمات العامة سواء داخالمدن أو خارجها!