فيصل خالد الخديدي
علامة الاستفهام محرضة للتفكير وتتوالد لتصنع سيلاً من الأسئلة التي تلامس قضايا مختلفة وتنتقل بالتفكير من المستويات الدنيا إلى مستويات عليا من التحليل والتركيب والابتكار، والأسئلة المفتوحة تحتمل العديد من الإجابات وتصنع كثيراً من الحلول غير المتوقعة وترحل بالفكر والحوار مع علامة الاستفهام بعيداً في أفق لا ينتهي من الأفكار والبدائل والحلول, وفي الشأن التشكيلي لعبة الأسئلة مهمة وتفتح الحوار بين الفنان وذاته وعمله وبين الفنان وفنه وبين الفنان والفنان وبين الفنان ومجتمعه وتختصر كثيراً من المسافة بين الفنان والناقد والقارئ لتجربته والمتذوق لأعماله ولكن متى ما صيغت باحترافية وفُتحت بوعي وتعامل معها جميع أطراف الحوار بجدية وإيمان بأهميتها سواء على المستوى الجمعي في المجتمع التشكيلي أو خارجه أم على المستوى الفردي للفنان.
جلسة حوار أو ورشة عصف ذهني بأسئلة مفتوحة غير منتهية كفيلة بأن تغير مسار فنان أو تحل كثير من إشكالاته مع ذاته أو مع الساحة التشكيلية أو تعيد ترتيب أولوياته، أن إطلاق العنان للعبة الأسئلة طريقة ناجعة في استمطار الأفكار واستحلاب العقول، فالبعض يقف على أعتاب سؤال لا يستطيع تجاوزه... ماذا أرسم؟ أو لماذا أرسم؟... والبعض الآخر يجعل مثل هذه التساؤلات مدخلاً لورشة عصف ذهني ومفتاحاً للعديد من الأسئلة التي يستحث فيها إبداعه وتفتح له مجالات فكرية أوسع في التعامل مع فنه ومع أعماله, والعديد من المشروعات الجمعية أو الفردية بدأت فكرتها بسؤال واستكمل تخطيطها بعدد من الأسئلة، واكتمل بنيانها وتطويرها بعدد من الأسئلة والجدة والإصرار في التنفيذ.
الفن ليس حالة طارئة يمكن أن تُشبع ببعض التقنيات اللونية أو التأثيرات والوسائط فقط ولكنها حالة إبداع عميقة تتضافر فيها الفكرة مع التكنيك والإحساس الصادق ليظهر منجزها متكامل الأطراف ذا بناء فكري وإتقان تقني وصدق في المشاعر برسالة جادة تجمع الجمال والفكر والإحساس وتجيب عن العديد من الأسئلة التي تؤرق الفنان وتقلقه حتى يبدعها في عمله، فالفكرة ربما تكون نتيجة للعديد من الأسئلة والإبداع ربما يأتي في معرض البحث عن إجابة عن مجرد سؤال...