خالد الربيعان
إذا كان المدير العام أو مالك النادي هو رأس الهرم وقمته في أي منظومة، فإن دوره ما زال ينقصه شيء ما! فلا يوجد في الدنيا من يستطيع فعل كل شيء بمفرده، وإلا كان الناس في غنى عن الناس.. ولفسدت الأرض! قاعدة!
إذن لا يوجد في الدنيا عامة، وفي الرياضة خاصة، ما يسمى بالسلطة الأبوية المطلقة، المستبد المستنير! ذلك الرجل الذي يأتي النادي ليسيطر على جميع موارده المالية، يخفي الشفافية الحسابية والميزانية! يتعاقد مع لاعبين، يتابعهم في التمرين، يجلس بجانب المدرب على الدكة أثناء المباراة! ما هذا؟.. عبث.. والنتيجة: فساد.. ديون.. وخراب لو لم يعالَج الوضع!
في 2012 سجل دروجبا هدف تعادل أسطوريًّا في عرين حارس بايرن ميونخ، وفاز تشيلسي بدوري أبطال أوروبا! بعد أن بيع تشيلسي في الثمانينيات بجنيه واحد فقط! بعد الاحتفال الأسطوري بالفريق ظهر في جميع الصور من المسؤولين شخص واحد فقط هو مالك النادي الملياردير الروسي رومان أبراموفيتش، بينما كان الرئيس التنفيذي رون جولاري صاحب فكرة التعاقد مع مورينهو وقتها ثم دي ماتيو صاحب إنجاز دوري الأبطال.. كان رون في المدرجات! لم يظهر في الصور مع الكأس!
الرئيس التنفيذي هو هذا الرجل! لا يظهر في الأضواء، دائمًا خلف الكواليس، منشغل دائمًا، مؤهلاته مختلفة له ومصممة لهذا المنصب، لو أراد القدر خيرًا بالكيان فسيهديه رجلاً من هذا النوع! يعتني باقتصاد النادي، يفكر في المدرب القادم، يشرف على التعاقدات، الكشافون ومسؤولو التعاقدات يجنون منه ويغضبون! فإنهم يأتون بلاعب فيه أكثر من موهبة معًا، ولكن الرئيس التنفيذي يرفضه، لماذا؟ لسبب يبدو غبيًّا..هو أن اللاعب هذا يسهر كثيرًا، أو وجهه ليس يناسب النادي ومكانته، وهو يريد لاعبًا وسيمًا لأجل التسويق والمنتجات والإعلانات! هذا التفكير الشامل أو «الحكمة» أهم مواصفات هذا المنصب.. الرئيس التنفيذي.
إنه بسلطات مطلقة، رئيس، وبقوة وحنكة وأيضًا تواضع؛ لينزل يباشر العمل بنفسه؛ لأنه «تنفيذي»! من هؤلاء الرجال أيضًا كارل هاينز رومينيجي، رئيس تنفيذي بايرن ميونخ، وهو رجل داهية، كان كابتن منتخب ألمانيا، وكان معلقًا للمباريات بعدها. انصهر في آلاف التجارب حتى أصبح رئيسًا تنفيذيًّا. هذه هي المتطلبات!
خبرة حياتية ورياضية كبيرة، بُعد نظر؛ لذلك الأندية الأوروبية كل شيء هناك محسوب بدقة شديدة، وليس بعشوائية وانفعالية و»أنانية» في اتخاذ القرارات.. لنجد ناديًا عريقًا عندنا مديونًا، ويناشد التبرعات منذ الثمانينيات حتى الآن!
بيتر مور مثال آخر للرئيس التنفيذي.. انظر ما هي أسباب تعاقده مع مو صلاح.. يقول إنه بطل 100 مليون.. كلهم سيصبحون من جمهور النادي.. حدث بالفعل وبالنص! كل مباراة لليفربول في البريمرليج تجد المقاهي في القاهرة والإسكندرية تكتظ بالناس والصمت التام يقطعه طوفان من السعادة عقب كل هدف يحرزه ابن بلدهم! ولا تسأل عن نجاح الترويج والتسويق والبث للنادي مع كل صفقة من هذا النوع!
الرئيس التنفيذي هو شخص لا يؤمن بوجود المستحيل؛ لأن كل ما يفعله: هو مستحيل للآخرين!
ألم يحن الوقت؟
الأندية السعودية مطالبة بوجود رئيس تنفيذي من هذا النوع في كل نادٍ، شخص مبدع، يفكر خارج الصندوق، خلفية محترفة بالتسويق عمومًا، والتسويق الرياضي خصوصًا، ثقافة كروية مذهلة، قارئ للتاريخ، حكيم في التعامل والنظر إلى الأمور، وقتها كل الأندية السعودية ستكون مثالية، والعبء سينخفض رويدًا عن كاهل كل رئيس نادٍ، ورئيس المنظومة الرياضية، والقيادة السياسية الواعية بأهمية الاقتصاد الرياضي.. بالطبع!