د. محمد بن إبراهيم الملحم
هذا الأسبوع هو أسبوعهم فهم مديرو ومديرات المدارس (أو قادتها حسب التسمية الجديدة) الذين يعملون ليل نهار لتجهيز المدارس لأبنائكم وبناتكم الأسبوع المقبل، وبعضهم ربما بدأ العمل في ذلك منذ الأسبوع الماضي ولكن مع عودة المعلمين تزيد وتيرة العمل لإعداد المدرسة من تخطيط وتنظيف وتجهيز فصول وصيانة وتشييك على الماء ودورات المياه والكهرباء، وهم في ذلك يتداركون ما قد تكون فرق الصيانة المكلفة من إدارة التعليم قد تركته دون إصلاح أو حتى أصلحته ولم تتمه أو هي أصلاً لم تتمكن من زيارة المدرسة أثناء الإجازة بسبب ضغط العمل وكثرة المدارس المحتاجة إلى الخدمة، وفي هذا الشأن فإني أُكبِر وأُجِلّ الدور الذي تقوم به بعض المديرات مقابل ما يقوم به المديرون، فطبيعة المرأة وقدرتها على الإشراف على مثل هذه الشئون مختلفة تماماً عن الرجل ومع ذلك فإن بعض المديرات تقوم بمثل ما يقوم به أخوها المدير وربما أكثر وهذا شهدته بنفسي.
كما أنهم مع ذلك العمل المضني يقومون أيضاً بما يتطلبه عملهم الإداري من رسم خطط وتنظيم جداول للمعلمين أو المعلمات ومتابعة قبول الطلاب أو الطالبات وفي ذلك مكابدة معروفة خاصة للمدارس ذات الإقبال الكبير أو المدارس المزدحمة بطبيعتها، ويعاني المدير أو المديرة الأمرين في سبيل استتباب الأمر في مدارسهم، خاصة تلك الحالات التي تتطلب ضم فصول أو افتتاح فصل جديدة أو حتى حالة دمج أو نقل مدارس بكاملها وغير ذلك من الحالات المربكة تماماً لسير العمل وتلقائيته، وربما تردد المديرون والمديرات على إدارة التعليم أو مكتب الإشراف مرات عديدة خلال الأسبوع حتى إنك لتظن أحدهم يداوم هناك لا في مدرسته، وأحياناً تستمر حالة عدم الاستقرار حتى ما بعد بدء الدراسة ويبقى المدير أو المديرة في الساحة يقابلون أولياء الأمور الغاضبين ويمتصون غضبهم ويحاولون أن يعملوا بمبدأ سددوا وقاربوا، وكم شاهدت أمثلة متعددة من حسن تصرفهم في «تدبير الأمور» حتى يتمكن المسؤولون من اتخاذ قرار محدد لحل الأزمة الواقعة بشكل رسمي، بل إن بعض حالات تدبير الأمور تفرض نفسها في واقع الأمر وتستمر حتى نهاية العام بسبب ضيق ذات اليد لدى المسؤولين من حل المشكلة إما لنقص الموارد (غالب نقص معلمين أو معلمات) أو لأي أسباب أخرى وجيهة أو غير وجيهة.
وبعيداً عن هذه المساحة، وفي إطار المدرسة المستقرة فإن الإبداع الذي تشاهده أيها الأب أو أنت أيتها الأم في الأسبوع الأول لقدوم ابنكم أو ابنتكم إلى المدرسة، حيث يتم الترحيب بهم واستقبالهم بطريقة محببة للمدرسة ويجدون التنظيم وحسن الاستقبال هو نتيجة عمل دؤوب من مدير أو مديرة المدرسة في الأيام الماضية وحرصهم على أن تظهر المدرسة بالمظهر اللائق، بل إن بعضهم يعملون أيام الجمعة والسبت كما اطلعت عليه وخبرته، بل إن بعضهم يأتي معهم بعض المعلمين والمعلمات لمساعدتهم، وما ذلك إلا لأنهم أحسنوا قيادة فريق العمل معهم فأحبوهم فـ»فزعوا» لأجلهم، ولو لم يكن منهم إلا هذا الإبداع القيادي لكفى.. وهؤلاء النخبة من المتميزين على قلتهم إلا أنهم في ازدياد -ولله الحمد- ويظل جهدهم شمعة أمل تضيء لنا دائماً وتبشرنا أن في أبناء وبنات الوطن من لا يعملون لما تقتضيه الوظيفة ومتطلباتها الروتينية فقط، بل يحبون ويعشقون الإبداع والعطاء وهو جزء من كيانهم وتركيبتهم الشخصية، هؤلاء هم من نعقد عليهم الأمل بالارتقاء بتعليمنا ونستشرف أن نراهم قيادات في مراكز أكثر تقدماً ليحدثوا التغيير المنشود للأفضل لتعليمنا الذي يعاني.
تحية إجلال وإكبار لكل مدير ومديرة أنفقوا الوقت والجهد عبر الأيام الماضية للاستعداد لأبنائهم وبناتهم لأسبوع عودة مميز وآمن ومريح، فشكراً لكم من الأعماق.