د. أحمد الفراج
ما أن تمت إدانة المحامي مايكل كوهين، أحد محاميّ الرئيس ترمب، حتى تنادت الخلايا المعادية لترمب من المعلقين العرب، وبشّرت بعزله، والطريف في الأمر هو أن الإعلاميين الأمريكيين، الذين يحترمون متابعيهم، مثل ريشال مادو وكريس هيز، وغيرهم من عتاة اليساريين، لم يتحمسوا في الحديث عن موضوع العزل، رغم كرههم العميق لترمب، ورغبتهم الجامحة بعزله، لأنهم يعرفون اشتراطات ذلك، وصعوبة حدوثه، وبالتالي لا يريدون أن يخسروا مصداقيتهم، أما بعض المحللين العرب والخليجيين، الذين يُسيّرهم الهوى والمال، ومنهم أسماء كنا نظنها شيئا مذكورا، فقد ظلّلوا متابعيهم، وأشعروهم أن ترمب سيعزل لا محالة، وهي مسألة وقت فقط!، ما أشاع حالة هيجان في وسائل التواصل الإجتماعي.
بداية، لا بد من التأكيد على أنه لا أحد في المؤسسة الرسمية الأمريكية يرغب في عزل الرئيس، لأن هذا ليس أمرا محمودا في مسيرة الإمبراطورية التي تحكم العالم، ثم إن الحزب الجمهوري العريق، حزب الرئيس التاريخي، ابراهام لينكولن، ورونالد ريجان، وجورج بوش الأب، لا يريد أن تتلطخ مسيرته بعزل رئيس آخر، بعد الإستقالة المذلة للرئيس الجمهوري، ريتشارد نيكسون، الذي كان من أفضل الرؤساء، لولا غلطته الفادحة، بالتورط في قضية التجسس على الحزب الديمقراطي، في الانتخابات الرئاسية لعام 1972، ثم الغلطة الأكبر، عندما حاول تغطية الفضيحة، وارتكب أخطاء فادحة، عجّلت برحيله من البيت الأبيض، ولا يمكن أن يُنسى خطابه الوداعي، وهو يبكي بكاء مرّا، لعلمه بأن هذه الفضيحة ستكون تاريخا لا ينسى، يغطّي على كل إنجازاته الكبرى.
المعلقون العرب، المدفوعون بالمال والإيدولوجيا، لا يجهلون فقط كل هذه الحقائق المذكورة أعلاه، بل يجهلون حقائق أخرى، مثل الشعبية الكبيرة، التي يتمتع بها ترمب حاليا، بسبب مواقفه السياسية، التي أعادت هيبة أمريكا، وبسبب الازدهار الاقتصادي، الذي جعل نسبة البطالة في أدنى مستوياتها، حتى لدى اللاتينيين والسود، الذين يُتّهم ترمب بمعاداتهم !، ففي آخر استفتاء، تبين أن ما يناهز 90 % من الجمهوريين يساندونه، وهذا يعني أن كل سياسي جمهوري سيفكر ألف مرة، قبل أن يتخذ موقفا سلبيا منه، لأن هذا يعني خسارة منصبه، سواء كان عضوا في مجلس الشيوخ أو مجلس النواب، وأعضاء هذين المجلسين، هما فقط، من يستطيع عزل الرئيس ترمب، وسيتواصل الحديث عن عزل ترمب، الذي يراه خصومه قريبا ونراه بعيدا!.