د. عبدالرحمن الشلاش
في أيام عيد الأضحى الفارط قبل أيام قليلة حضرت بعض اللقاءات العائلية والأسرية، بعضها يملي علي حضورها الواجب، والبعض الآخر من باب إجابة دعوة صديق عزيز ألح علي أن أمر عليهم ولو لساعة زمن ومثل ما يقول صاحبي الجميل «يا أخي تعال خلنا نشوفك»، وأمام مثل هذه الدعوات العاطفية لا تملك إلا الرضوخ واغتنام مثل هذه الدعوات الصادقة النابعة من القلب لتلبيتها رغم مشاغلك وارتباطاتك.
اللقاءات التي قدر لي أن أحضرها جعلتني أخرج بانطباعات غير مرضية على الأقل. إذا كنت قد خلصت إلى إيجابية مثل هذه اللقاءات والتي منها التواصل طمعا في الوصل وعدم القطيعة فإن ثمة سلبيات كثيرة قد تؤدي إلى عدم استمرارها أو تناقص العدد مع مرور الأيام والأسباب كثيرة، ولعل من يحضر هذه اللقاءات يعرفها جيدا. الأصل في هذه اللقاءات أن تكون فرصة كي يطمئن كل واحد على أحبابه، ويسمع أخبارهم ويتباحث الجمع في سبل زيادة التواصل وطرح موضوعات ثرية يخرج الجميع منها بفوائد حتى لو بفائدة واحدة تنعكس إيجابا عليه ليغير من اتجاه سلبي نحو موضوع ما في حياته مثل الاتجاه السلبي تجاه المجتمع أو العمل أو الدراسة، أو تصحيح النظرة السلبية لاجتماعات العائلة أو الأصدقاء والزملاء.
في واحد من لقاءات العيد آنفة الذكر سجلت في ذاكرتي بعض المشاهدات، وخرجت ببعض الانطباعات غير الجيدة والتي أوحت لي بفكرة هذه المقالة. أحد الحاضرين بمجرد وصوله سلم على الحاضرين سريعا ثم أخذ ركنا قصيا من المجلس منشغلا بهاتفه المحمول طوال الوقت، ولم يفق من عزلته إلا على صوت الداعي للعشاء! هل حضر هذا من أجل العشاء، أم ليقال أنه حضر وهو بذلك يعد عند الناس من الحريصين على الوصل رغم غياب فكره وروحه وحضوره لم يكن إلا بجسده فقط. سألت عن أحد الأشخاص لماذا لم يحضر فأفادني أحدهم بأنه لا يحضر إذا كان شقيقه من ضمن الحضور فقد تقاطعا منذ سنتين على خلفية ملاسنة بينهما نتيجة لاختلافات في وجهات النظر!
للأسف كثير من لقاءاتنا الاجتماعية مهددة والسبب ما يدور فيها من موضوعات تؤدي للخلافات الحادة الممقوتة وليست الاختلافات المحمودة مثل الخوض في السياسة والرياضة رغم اختلاف الميول الذي يصل للتعصب الممقوت، والاستخفاف أيضا بالآخرين بكلامهم أو ملابسهم أو فكرهم، أو جعلهم موضوعا للتندر، أو لوم من يحضر بعد غياب دون أن يكون هناك تغاضٍ لأن مثل هذه الاجتماعات فرصة للم الشمل والتقريب وليست للقطيعة.
مع هذه الأسباب التي ذكرت لا تستغرب إذا سمعت عن قطيعة حدثت بين عزيزين في مثل هذه اللقاءات التي وجدت للوصل بين الأحباب!