د. فوزية البكر
حبا الله المملكة العربية السعودية بفضيلة رعاية أهم مسجدين في العالم الإسلامي ألا وهما المسجد الحرام والمسجد النبوي بما يتصل بهما من شعائر وفرائض وواجبات يسعى المسلمون في كل بقاع العالم إلى أدائها متى أتيح لهم ذلك. ولنا أن نتخيل كيف يهف قلب كل مسلم لزيارة مكة والمدينة وتلمس رائحة نبينا صلوات الله وسلامه عليه إذ هو حلم العمر لملايين من المسلمين في كل بقاع العالم (قد لا نشعر نحن السعوديين بذلك لمعرفتنا بقرب الأراضي المقدسة وسهولة الوصول إليها متى ما رغبنا فهي بلادنا ونتحرك فيها بحرية دون الحاجة إلى أذونات للدخول والخروج وأسفار هائلة تأكل المدخرات لفقراء المسلمين لذا علينا كسعوديين أن نحمد الله على حظوة رعاية الحرمين التي شرفنا الله بها أبد الأبدين) لذلك لم تبخل المملكة بخدمة موسم الحج بكل ما تملك من مال وقوى بشرية رغم الاضطرابات الظاهرة في أنحاء العالم الإسلامي دون استثناء إلا أن الحرمين الشريفين بقيت سيدة المهمات كما ترى الدولة السعودية.
وقد قامت المملكة بمشاريع هائلة لتوسعة الحرمين بما يتماشي مع النمو المضطرد في أعداد المصلين حول العالم كما قامت بمشاريع جبارة ساهمت في تلافي الكثير من الأخطار التي قد تنجم عن التجمهر في وقت واحد ومكان محدد كما تفرضه شعيرة الحج سواء على جبل عرفة أو مزدلفة أو في منى أو عند رمي الجمرات. ولكم أن تتخيلوا أي طارئ كالرياح الهائجة التي ضربت مكة خلال موسم حج هذا العام ومع ذلك تمكنت المملكة بفضل الله، ثم الخطط الإستراتيجة والزمنية العلمية التي وضعتها ونفذتها عقول وسواعد أبنائها من تفويج ملايين الحجاج بأمان لإتمام مشاعرهم والعودة سالمين إلى ديارهم.
مليارات الدولارات وملايين العقول المخططة والعاملة ليل نهار لتمكين كل حاج من أداء شعائره بالسكينة والشعور بالأمن والسلامة المستحقين بما يوفر الجو الروحاني والتجربة الداخلية الذاتية لهذه الشعيرة المقدسة التي تبقى مع كل حاج فينقلها لبلاده وأهله داعيًا الله أن يحفظ المملكة حكومة وشعبًا لتبقى قبلة للمسلمين من كل فج عميق.
استخدام وسائط التواصل الاجتماعي في التقاط بعض اللحظات الإنسانية للعاملين في الميدان وتفاعلهم مع الحجاج مكن العالم الخارجي من رؤية نقطة في بحر مما تفعله حكومتنا وما تقدمه لرعاية الحجاج كما جعلنا في الداخل نشعر بالمسؤولية تجاه كل ما حولنا لعلنا على الأقل نقف مع دولتنا ومع المخلصين من رجالها ونسائها لنقول لهم كم شرفتمونا في كل محفل وستنالون ما تستحقون من ثواب عند من يرعى الجميع بعينه التي لا تنام.
يظل حجم الآلة الإعلامية في التعريف بجهود المملكة في خدمة الحج والحجيج أقل بكثير مما نفعله على الأرض وحتى لو سألتم من حولكم من أقارب ومعارف وأصدقاء فلن يوفر لك أي منهم ولو نبذة قصيرة عن الأفعال أو الأرقام أو حجم المليارات والمشاريع الجبارة التي قامت بها المملكة ولا تزال على مدى عقود.
علينا إلى جانب ذلك التقليل من انتشار مقاطع (المبالغات) الممجوجة لأداء شعيرة أساسية هي أحد أركان الإسلام لكونه سبحانه وتعالى قالها {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}، فالله الرحيم بعباده يعلم كم ستكون أمة المسلمين بأعدادها البشرية الهائلة بعد قرون وهو وضع حد القدرة في الأداء وتسقط عن من لا يستطيع لكن أن نرى المبالغات في بعض الحملات او الاستعراض في رمي الجمرات.
يجب أن تبقى شعيرة الحج كما جاءت في عهد نبينا بسيطة وقصد منها التطهر الداخلي والتأمل، دون إيذاء للنفس أو حرمان لها ولكن أيضًا دون مبالغات تفقد الشعيرة الحكمة من أدائها.
اللهم متع هذه الأمة بالأمن والأمان والرخاء والقوة الحكيمة وادفع عنها أشرار من يكيدون لها واحمِ بيتك الحرام اللهم أمين.