م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1. روايات محمد شكري تصور القاع الاجتماعي لمدينة «طنجة».. وفيها كم هائل من حالات الخروج عن النَّص والأعراف السائدة في تحد صارخ لمثاليات المجتمع.. والعصف بكل الحواجز والحدود.. بصدامية تنتهك المحرمات اللغوية والاجتماعية وتابوهات الجنس والدين والسياسة.
2. يقول محمد شكري إن روايتيه: «الخبز الحافي» و«الشطار».. هما سيرة ذاتية عاشهما بكل تفاصيلهما.. بل إنه كتبهما في عقله قبل أن ينقلهما على الورق.. وتلك الروايتان وإن كانتا نقيض السيرة الذاتية التقليدية إلا أنهما تمثلان وتحكيان التجارب التي مر بها في شبابه دون تزويق أو حذلقة.. مشكلة الكثيرين من القراء معه أنه كتبهما بمباشرة فجة انتهك فيها كل القيم الأخلاقية كأنها اعترافات أمام محقق وشهادة أمام محكمة.. ليس فيها من صفات آداب الاتصال وأخلاقيات الكلام.
3. حينما نقرأ روايات محمد شكري نتفاجأ بكم هائل من الفقر والانحلال والظلم والقذارة التي كانت تعيشها الطبقة الفقيرة في المجتمع المغربي في مدنه الشهيرة العريقة إبان مرحلة الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي.. ونتساءل: هل كانت الطبقات الفقيرة في مدن المشرق العربي كالقاهرة ودمشق وبغداد ذات شبه بما هو كائن في طنجة؟
4. ماذا أيضاً عن مدن وبلدات الجزيرة العربية حيث التصحر الضارب وظلام الجهل الدامس التي كانت تعيشه تلك المناطق.. هل كان لديهم نفس القدر من الانحلال والظلم؟.. أما الفقر فلا شك أنه في بلدان الجزيرة أعظم.. فالناس كانوا على موعد متواتر مع كوارث الأوبئة والجوع.. وهو ما لم يحصل في الهلال الخصيب وشمال إفريقيا.
5. مع كل الاعتراض على روايات محمد شكري إلا أن السؤال الذي يجب بحثه هو: حينما تكون جائعاً معدماً متهالكاً.. ما هو وزن الانحلال.. وهل يكون للعِرْض قيمة؟
6. محمد شكري أصبح علامة في ميدان الرواية العربية.. وليس من اللائق التساؤل عن مقدرته الروائية بعد أن وافق عليها العالم كله بترجمات رواياته للغات عديدة.. لكنني أجد صعوبة في تقبل أن هذه الروايات تحكي الواقع الذي كانت تعيشه طنجة قبل سبعين سنة.