د. محمد عبدالله العوين
هي منظمات تدّعي أنها إنسانية وحقوقية وتدس أنفها في كل شأن يخص المملكة، نسيت أو تناست أن العالم يتكون من أكثر من مائتي دولة، كأنها كوّنت ورسمت أهدافها لتصل إلى غاية واحدة؛ وهي الإضرار بالمملكة من خلال تشويه أنظمتها وشيطنة قضائها واستنقاص عدالتها وتلويث سمعتها وتصوير الحياة فيها تصويراً مزوّراً مخالفاً للحقائق الناصعة وللواقع المعيش ومنافياً للضمير ومجافياً للعدالة ومحطماً أبسط قواعد المهنية الإعلامية التي تتحرَّى الموضوعية والمصداقية والحياد.
ما من حادثة تحدث، أو بيان يصدر بإيقاف لمتهمين، أو مرافعة من النيابة العامة إلى القضاء بشأن مخالفين للأنظمة والقوانين، أو حكم يصدر من أعلى محكمة قضائية على مدانين بالأدلة أو مخلين بالأمن أو مثيرين للفوضى محرضين على الفتنة أو خونة متواصلين مع دول أجنبية أو زائرين لسفاراتهم متلقين التعليمات والدعم والتوجيه منهم؛ إلا وتثور ثائرة منظمات تدّعي أنها «حقوقية» فتخترع الأكاذيب وتنسج القصص البعيدة عن الواقع وتضخّم وتهوّل وتزوّر وتتباكى بدموع التماسيح مطالبة بحقوق الإنسان ورافعة شعار الحريات، وهما كلمتان براقتان خادعتان موهمتان تحجبان ألواناً من السموم والكراهية والعداء المضمر للمملكة ولقيمها الدينية ولنظامها السياسي ولغاياتها النبيلة نحو شعبها وأمتها العربية والإسلامية والعالم.
ولو نظرنا إلى «هيومن رايتس» و»منظمة العدل الدولية» وهما من أبرز العاملين في مجال الدعوة إلى حقوق الإنسان المزعومة لرأينا كيف تغضان النظر عمّا يحدث في دول كثيرة من انتهاكات يندى لها الجبين؛ فتتغافلان عنها وتتجاهلان ما يرفعه إليهما المخلصون من صور الانتهاكات والتعذيب والإعدامات بدون محاكمة أو بمحاكمات صورية.
أين هاتان المنظمتان مما اقترفه نظام الحمدين في قطر من جرائم التشريد والتشتيت لقبيلة آل مرة؟ وما يقترفه نظام الملالي بحق الشعب الإيراني؟ كيف تلتزم الصمت أمام مشاهد التصفيات والتعليق على المشانق للمعارضين والفقر المدقع ومنع الشعوب الإيرانية من حق استخدام الإنترنت والفضائيات؟ ومما يحدث في سجون العراق الطائفية ومن أحكام إعدام بالجملة؟ أين هما من سجون بشار الأسد التي تعد «جهنم» على الأرض؟ وما تقترفه عصابة الحوثي من صور الإبادة للشعب اليمني وتجنيد الأطفال والزج بهم إلى جبهات القتال؟!
ويتأكد لنا من التغاضي عن جرائم الملالي في إيران أن مرجعية « هيومن رايتس «إيرانية، وأن «منظمة العفو الدولية» لها رؤية ثقافية مختلفة أو موقف خاص من المملكة؛ ديناً وثقافةً وتاريخاً وسياسةً وأهدافاً.
وأرى ألا نعطى تلك التقارير المغرضة التي تبثها هاتان المنظمتان أو ما يشبههما كثيراً من الاهتمام؛ لأن غاياتهما العدائية المضمرة ضد المملكة مكشوفة وتتناقض مع الشعارات الإنسانية الخادعة التي ترفعانها.
لقد أكدت المملكة في أكثر موقف - وليست قصة كندا عنا ببعيدة - أنها لن تسمح لأية جهة أو بلد كان بأن ينتقص من سيادتها أو استقلال قضائها أو نزاهة عدالتها أو حفاظها على القيم والأخلاق والمبادئ التي تعتز بها وتذب عنها.