إبراهيم عبدالله العمار
في الموضوع السابق رأينا ما يُسمى بوهم الانتباه، وهي ظاهرة عقلية بحيث يَعمى بصرك عن أشياء واضحة لأنك تركز على أشياء أخرى، فمثلاً سائق السيارة يركز على السيارات الأخرى في الطريق ولذلك يرتطم بسهولة بقائد دراجة نارية، وهذه النظرية تُظهر خطورة استخدام الهاتف أثناء القيادة، فقد أظهرت الدراسات أن من يقود وهو على الهاتف المتنقل يماثل في انتباهه سكراناً، حيث العقل بطيء الاستجابة خاصة للعوامل المفاجئة.
قد تقول: «لكن أنا دائماً أستخدم الجوال ولم يحصل لي حادث!»، والسبب أن الشوارع عادة تسير بشكلٍ متوقع، ولكن عندما يحصل شيء مفاجئ فإن المتحدث على الجوال أكثر عرضة بكثير للحادث، كأن يظهر أمامك طفل أو قطة أو سيارة تتوقف فجأة أمامك، ولا فرق بين وضع الجوال على الأذن وبين استخدام سماعة البلوتوث.{مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} (4) سورة الأحزاب
أما الكلام مع الراكب بجانبك فلا يسلب التركيز كالجوال، فلماذا؟ وضعوا ثلاثة أسباب لذلك، أولها أن الجوال يتطلب تركيزاً أكثر لاستيعاب كلام المتكلم لأنه لا يوجد إلا صوته، بينما الراكب تراه وتسمعه، والثاني أن الراكب يرى الطريق وينبهك لو حصل شيء، والسبب الأخير هو العُرف، فإنك إذا حادثتَ شخصاً على الهاتف ثم أتت فترة صمتَّ فيها فسيظن أنك انتهيت من كلامك، بينما الراكب يعرف ظروفك فيما لو - مثلاً- سكتَّ لتُركِّز على اختناق مروري مفاجئ.
إذاً، هذا وهم الانتباه، والذي يمكن أن يسلبك حياتك لو لم تنتبه له.