د. حسن بن فهد الهويمل
العقلاء لايريدون لأي مسلم إلا الخير، والهداية. وليس من الحق أن نمارس الفعل المضر بمصالح أمتنا، ولا أن نفت في عضد دولتنا الإسلامية، ونخرج على الجماعة فذلك كله إخلال في البيعة الشرعية التي أخذناها على أنفسنا:- {وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ}.
وعلى افتراض أن [الإخوان]، و[حماس] من الطوائف المؤمنة، - ونسأل الله أن يكونوا كذلك - فإن خروجهم على دولتنا، ومناصرتهم لأعدائنا كاف للوقوف في وجوههم، تنفيذاً لقوله تعالى {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّه}.
فإيمان الطرف الآخر لايحول دون المواجهة العسكرية، فضلا عن الاختلاف في وجهات النظر.
فبغي [الإخوان]، و[حماس] على المملكة مشهود، لأنهم يوالون [إيران] التي هي في حرب معلنة مع الإسلام السني، والأمة العربية، والمملكة على وجه الخصوص.
والموالي لدولته لايجوز له مناهضة أي طائفة لم تقاتل، ولم تظاهر على القتال، ولم تتعمد البغي على دولة إسلامية مسالمة تمتثل أمر الله، وتنفذ أحكامه.
أما حين تظاهرُ الأحزابُ، والمنظماتُ، والجماعاتُ عدوك، وتقبل عقيدته لقاء ثمن بخس فيه مَنٌّ، وأذى، فإن موالاتهم خيانة للدين، والوطن.
المملكة ملتزمة بالعهود، المواثيق الدولية، ولها مصالحها، ومثمناتها. و[الإخوان] يريدون منا بممارساتهم التخلُي عن مشروعنا الإسلامي، والدخول في عباءتهم، والتبعية لهم، وإعطائهم من الأموال مايريدون، تحت التهديد، والمزايدة.
لقد بادروا المصالحة مع [إيران]، وزاروها، وأتاحوا لها الوجود في [مصر]، والدعوة لرافضيتهم، ليُكْرِهونا على الدفع، والخضوع لإرادتهم. و[حماس] أرادت منا أن نؤيدهم على المواجهة غير المتكافئة، وأن نختلف مع [منظمة التحرير] الشرعية، وأن نقبل بالمقاومة حسب مفهومهم، وأن نُعَرِّضَ مصالحنا، وعلاقاتنا لتصرفاتهم العاطفية، وأن ننقض العهود، والمواثيق التي أعطيناها مراعاة لمصالحنا، وهي عهود، ومواثيق مشروعة، وليس فيها إضرار على إسلامنا، وقوميتنا، وسائر قضايانا.
البعض منا لايفكر، ولايقدر، ولا ينظر إلى القضايا بمنطق العقل، والمصلحة.
المشروع الإسلامي الذي نتبناه عملي، وسائر المشاريع الإسلامية الأخرى نظرية.
والمشروع الإسلامي الذي نتبناه واقعي، وسائر المشاريع الإسلامية عاطفية،
والمشروع الإسلامي الذي نتبناه ممكن التنفيذ، وسائر المشاريع الأخرى غير ممكنة التنفيذ.
المشروع الإسلامي الذي نتبناه دَعَوِيٌّ يتفادى الصدام، ويتوخى التطمين، ويفضل التعايش، وتبادل المصالح، والمشاريع الأخرى مثالية، متعالية، صدامية. وهي لاتملك القدرة على الوجود فضلاً عن المواجهة.
- فأي الحزبين أحق بالبقاء؛ الصراع، أم الحوار، التصالح، أم الصدام؟.
- كيف تواجه من يعطيك السلاح، ويتحكم باستقرارك، واقتصادك:-
{وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً}. واجبنا الكره للغرب، والتحيز، والتحرف للخلوص من هيمنته دون إلقاء الأنفس إلى التهلكة. أنا لست ضد وجود [الإخوان]، ولا ضد وجود [حماس]، ولست ضد أي حزب، أو طائفة لاتكيد لأرض المقدسات. ثم إن الإخوان، وحماس شأن مصري، فلسطيني داخلي يتعلق بسيادة الدولة، والمنظمة.
موقفي مرتبط بحقي في الوجود الكريم، وبمصالح وطني، وأي مجازف في شيء من ذلك، يعد ملتزماً بما لايلزم.
ولاء العقلاء لوطنهم استجابة شرعية، إذ واجبهم السمع، والطاعة في اليسر، والعسر. والمنشط والمكره. إنها استجابة للقيم، وليست للذوات، للحق، وليست للهوى.
ثم إن الوطن، وحب الوطن جزء لايتجزأ من مقتضيات البيعة الشرعية، ولأهميته ربط الله الإخراج منه بالدين في مواجهة الأعداء:-
{إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}.
ومن تولى عدوك فهو مظاهر على إخراجك من ديارك، ومن واجبك مواجهته كائناً من كان.