أحمد المغلوث
لا حديث للناس - كل الناس - في كل مكان في بلادنا وغير بلادنا، في عالمنا العربي الممتد من الخليج العربي إلى المحيط، بل العالم هو حديثهم، إلا عن «الحج»، يرددونه على اختلاف أشكالهم وأنواعهم، واختلاف مستوياتهم وثقافاتهم، وحتى دياناتهم.. في بيوتهم، وفي أعمالهم، في المدن كما في القرى، وحتى البلدات الصغيرة أينما ذهبت أو توجهت تجد الحديث عن «الحج ومناسكه»، وقبل هذا وبعد هذا نجاحه المميز. نعم، يتحدث الناس عن ذلك حتى في برامجهم التلفزيونية والإذاعية، وصحفهم المختلفة.. ففي هذا الزمن أتاحت التقنية على اختلافها وتعددها، وعبر الوسائط التي تعمل ليل نهار، نقل المستجدات والأحداث، وكل ما له علاقة بنشاط إنساني ما، يجده كائن مَن كان في «هاتفه الذكي»، وبداخله ما يرغب في مشاهدته أو لا يرغب فيه.. ومع هذا الأحداث والأخبار الجديرة بالمشاهدة التي لها من يتابعها في مختلف دول العالم عبر هذه التقنية باتت تشاهد في كل مكان. وهكذا نجد «الحدث» الأهم في العالم «الحج» الذي يتجدد عامًا بعد عام، والذي تكرس له بلادنا وقيادتها الحبيبة ومواطنوها كل القدرات والإمكانات انطلاقًا من مسؤولياتها العظيمة التي منحها لها الله سبحانه وتعالي بوجود بيته العتيق في رحابها المقدسة.. وانطلاقًا من هذا الواقع تشرف الوطن - كل الوطن - بخدمة ضيوف الرحمن، هذه الخدمة التي تتميز في كل موسم حج بمضاعفة الجهود والخدمات والتسهيلات التي تقدم لهم بصورة راقية ومثالية، جعلت الإعلام في العالم يشير إليه بإعجاب وتقدير كبيرَيْن، بل يفسح المجال لنقل مناسك الحج مباشرة في بعض قنواتهم الفضائية، وحتى الأرضية.. هذا النقل المباشر وضع العالم أمام حقيقة العمل والفعل الذي تقوم به بلادنا، ومن خلال مختلف أجهزتها المعنية بخدمة ضيوف الرحمن الأعزاء، وجعل هذا العالم يشاهد مباشرة وعن كثب مناسك الحج بدءًا من لحظات وصول ضيوف الرحمن إلى موانئ المملكة المختلفة، وخلال تأديتهم مناسك العمرة والحج، والوقوف في عرفة ومنى ومزدلفة، وطواف الوداع، حتى مغادرتهم الوطن. فكاميرات إعلامنا وإعلام الدول المشاركة في تغطية موسم الحج، أو حتى إعلام الدول التي تنقل وتعيد ما تم بثه.. كل هذا وذاك جعل الناس - كما أشرت في البداية - يتحدثون عما شاهدوه مباشرة بدون تجميل أو تعديل أو إضافات. جهود تشاهد، وبعد ذلك تذكر وتشكر. هذا، ولقد أجمع العلماء المشاركون في مؤتمر «مفهوم الرحمة والسعة في السلام» الذي نظمته رابطة العالم الإسلامي في منى على شكرهم وعرفانهم لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز - حفظهما الله - على ما يسر لهما من تقديم خدمات إسلامية جليلة للأمة وقضاياها، وللحرمين الشريفين وقاصديهما، مشيدين بالرعاية الكريمة والخدمات المميزة المقدمة لحجاج بيت الله الحرام من القطاعات الحكومية كافة؛ الأمر الذي سهَّل على ضيوف الرحمن أداء نسكهم في أجواء عامرة بالأمن والإيمان والسكينة والاطمئنان في يسر وسهولة. هذه الكلمات الصادقة التي جاءت في البيان الختامي للمؤتمر تؤكد ما أشرنا إليه في هذه السطور عن حديث الناس عن موسم ناجح ولله الحمد والمنة. موسم تميز في مختلف جوانب الخدمات، ومن مختلف القطاعات. ولقد أبرز إعلامنا ذلك بصورة لا أجمل ولا أروع. وألف ألف مبروك لنجاح موسم الحج لهذا العام، وكل عام بمشيئة الله.