كوثر الأربش
يقول آينشتاين في تعريف الغباء:
«الغباء أن تكرر الشيء ذاته بنفس الخطوات وبنفس الطريقة وتنتظر نتيجة مختلفة». القرضاوي في محاولاته لتحجيم مكانة الحج ومثوبته، كرر، حرفيًا، ما بذلته إيران منذ الخميني إلى هذا اليوم. الخميني الذي حين خرج من منفاه في تركيا، خيروه بين الحج لبيت الله الحرام، وبين زيارة قبر الحسين في العراق. واختار الثانية! في محاولة منه لسحب بساط القداسة من مكة إلى كربلاء. وهذا ما مضى إليه بعد ذلك، بخطة ممنهجة تؤكدها سياسته وخطاباته.
حيث قامت الخمينية بنبش الموروث الشيعي الملفق على بعض الأئمة، وإعادة إحيائها من جديد. أعني تحديداً القرن الرابع الهجري حين بدأ رواة ومؤرخو وفقهاء المذهب، أمثال الطوسي وابن قولويه القمي بتلفيق مقولات على لسان الإمام جعفر الصادق (الإمام السادس للشيعة) على تفضيل زيارة قبر الحسين وأن الطواف حوله يعادل ألف ألف حجة لبيت الله. وهذا ما يخالف العقل أولاً، ويخالف أساسيات الدين الإسلامي ثانياً. بحيث إن الحج ركن من أركان الإسلام، فلو كانت كربلاء خير من الكعبة كما يزعمون لجعلت زيارتها ركنًا. لن أطيل في هذه التفاصيل، الفكرة هو التتبع التاريخي لبداية المخططات السياسية للصراع حول الكعبة وخدمة حجاج بيت الله. الخميني لم يقد جيشًا لمكة، بل قاد العقول وخدرها.. وهذا ما يحاول القرضاوي -أجير قطر- أن يفعله. الواقع يثبت فشل الخميني، حتى لو كذب نصر الله الأمين العام لحزب الله، حينما ظهر في 10 نوفمبر 2017، في كلمته الخاصة بيوم الشهيد قائلاً: (ظاهرة الأربعين منقطعة النظير وليس قليلة النظير، لأن حشوداً مليونية يلبسون السواد ويبكون ويمشون لكربلاء (20 مليون زائر)). نعم، أقولها للمرة الثانية: فشلت الخمينية في استلاب قلوب المسلمين التي تهوي لمكة، وشدها لكربلاء. هذا ما حدث واقعًا. إننا لا يمكننا إعادة التاريخ للخلف، لا يمكن ذلك. لكن أن يحاول القرضاوي اقتفاء أثر الفشل، هذا ما لا يمكن لعاقل تجاوزه. كتب القرضاوي في تغريدة في حسابه الشخصي: «أراد الله سبحانه وتعالى أن يكون الحج في ذلك الوادي، وادٍ غير ذي زرع؛ ليكون رحلة مكافحة ومعاناة يعيش الإنسان فيها أياماً على البساطة والخشونة أشبه بحياة الكشَّاف الجوَّال ينتقل من هنا وهناك، ويحيا على أقل ما يمكن من الوسائل» في محاولة بائسة للتقليل من جهود وطننا الغالي في خدمة الحجاج والتقليل من صعوبات الحج ومتاعبه. إلى هنا وأتوقف، أترك للقارئ التأمل قليلاً، في كل مظاهر الحضارة من حولنا، هل قامت إلا لراحة الإنسان؟
ختامًا: أبارك لسيدي خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده سمو الأمير محمد بن سلمان، ولكل سعودي، بل لكل مسلم هذا الشرف الكبير بنجاح حج 1439. هذا النجاح الذي جعل القرضاوي وأمثاله لشد إفلاسهم، يتبعون الطرق التي فشلت سلفًا.