عمر إبراهيم الرشيد
سبق أن كتبت هنا مشيداً بإنجاز منتخبنا لذوي الهمم أو الاحتياجات الخاصة في كرة القدم حين فاز بكأس العالم لهذه الفئة العزيزة ثلاث مرات متتالية، وتحت قيادة هذا الرجل عبدالعزيز الخالد. وقبل أيام فعلها هؤلاء الأحباب للمرة الرابعة على التوالي، فنعم الهمة ونعم القيادة. التدريب عمل قيادي لأن المدرب يقود فريقه ويحركهم نحو الهدف وهو تحقيق الفوز والبطولة، وهذا لا ينحصر بالطبع على مجال دون غيره، فهو في الرياضة والعلوم والطب والخدمات وكل ما يخدم البلاد والعباد. يُقال هذا عن أفراد الفريق أياً كان هذا الفريق ومجاله كما قلت، في وضعهم الصحي والنفسي المعتاد، وليست القيادة والتدريب مجرد نشاط يتم حسب الخطة والبرنامج المعد، وإنما تعتمد على شخصية القائد وتأثيره ووعيه بطرق التحفيز واكتشاف المؤهلات والقدرات وتفاوت ذلك بين أفراد الفريق، فكيف والحال بفريق من ذوي الاحتياجات الخاصة، سواء من لديهم بعض التأخر الفكري أو الصم أو البكم، أو غيرهم ممن قدَّر الله تعالى لهم هذا الحال بحكمته ومشيئته جلَّ وعلا. قطعاً سيحتاج هذا المدرب لقدرات فوق قدراته للتعامل مع هذه الحالات بمهارة وحس مرهف وذكاء اجتماعي كبير، وهذا ما حازه المدرب الوطني عبدالعزيز الخالد مع طاقمه التدريبي والإداري، وإلا فكيف يحقق منتخب المملكة لهذه الفئة الحبيبة بطولة العالم لكرة القدم أربع مرات متتالية بفضل الله ثم الدعم من قبل القيادة والحكومة الرشيدة.
ونعلم ما للقوة الناعمة اليوم من تأثير كبير وخدمة معتبرة لأي بلد يحسن توظيفها، وهي الدبلوماسية الشعبية كما تُسمى أحياناً أخرى فهما مفهومان ومصطلحان يؤديان نفس الغرض ولهما نفس الأثر. ومن وسائل هذه القوة القطاع الرياضي بكافة ألعابه، فكأس العالم والألعاب الأولمبية من أعظم المناسبات لممارسة هذه القوة، وتمثيل الوطن في هاتين المناسبتين يتعدى الجانب الرياضي إلى إبراز اسم المملكة وما تعيشه من بناء وتطوير. هنا يبرز تساؤل ملح في نظري، وهو أين مسؤولو الكرة لدينا من رجل بهذه القدرات والعمل الدؤوب والتنظيم الفائق في شخص عبدالعزيز الخالد وفريقه الفني والإداري، وكيف لم يلتفت إليه أصحاب القرار لقيادة المنتخب السعودي في كأس العالم أو البطولات القادمة؟! هو تساؤل أطرحه وأزيد بأن المدرب إن كان من نفس البيئة والثقافة فإن التأثير غالباً ما يكون أقوى في الفريق، فما بالك برجل قاد فريقاً من ذوي الاحتياجات الخاصة وحقق ما أشاد به العالم.
والثناء والشد على أيادي هؤلاء الأحباب كذلك فهي منظومة ودائرة متكاملة، تشملهم ومدربهم مع الطاقم الإداري والفني. ولعله من الجدير التذكير بأن أول كأس يحققها المنتخب السعودي لكرة القدم كانت تحت قيادة خليل الزياني وطاقمه الفني والإداري. كل مدرب وقيادي يفخر بسيرته الذاتية وبما فيها من إنجازات وبطولات، ولعمري حق لهذا الرجل الفخر بهذه السيرة التي حوت أربع كؤوس عالمية، وحق لأفراد فريقه من لاعبين وفنيين وإداريين التكريم معه حكومياً وشعبياً، وأمنيتي أن أرى هذا الرجل يقود منتخب المملكة الأول لكرة القدم مستقبلاً، وطابت أوقاتكم.