يوسف المحيميد
ليس منا مَن لا يغبط هؤلاء الشباب والشابات المتطوعين والمتطوعات في المشاعر المقدسة، ويتمنى أن يكون أحد هؤلاء الآلاف الذين يتشرفون بخدمة ضيوف الرحمن؛ فكلما شاهدت أحدهم يساعد حاجًّا في الطريق، أو يناوله ماء، أن ينحني تحت قدمَي أحد الحجاج الحفاة كي يلبسه نعلاً، تمنيت أن أنال هذا الشرف معهم، وأخدم هؤلاء الضيوف الذين جاؤوا من أقصى بقاع الأرض؛ ليؤدوا مناسكهم، فتحملوا العناء والتعب وبذل المال في سبيل أن يقفوا في عرفة بخشوع، وينفروا إلى مزدلفة، ويطوفوا حول البيت العتيق، ويسعوا بين الصفاء والمروة، ويتقربوا إلى الله في يوم النحر.
لم أشعر بالفخر كما أشعر به وأنا أشاهد أبناء وبنات وطني من جميع الأعمار والجهات يخدمون ضيوف الرحمن بكل حب وبذل، تمامًا كما يفعل رجالنا من القطاعات العسكرية كافة، وهم يعملون ليل نهار، شعارهم العمل بحب وإخلاص وصبر في سبيل إنجاح موسم الحج كل عام، وأشعر بهم يتلذذون بأداء واجباتهم، ويتنافسون فيما بينهم، ومن مختلف القطاعات، في بذل أقصى ما يستطيعون.. فما أجمل مشهد جندي يحمل على ظهره حاجًّا مسنًّا، وما أجمل خمسة جنود يحملون لحافًا من أطرافه، وتجلس عليه حاجة مسنة كملكة في عصور قديمة. هذه المشاهد البسيطة التي تلتقطها الهواتف المحمولة للناس حتمًا هي موجودة منذ عشرات السنين في هذا البلد الذي شرفه الله بخدمة الحجيج، لكن الفرق الآن هو أن العالم أصبح أصغر مع وسائل التقنية والهواتف الذكية ومواقع التواصل الاجتماعي.
إنه زمن الصورة التي تغني عن آلاف الكلمات.. الصورة المنصفة التي تقول الكثير، تلكم الصور التي كنا بحاجة ماسة لها؛ كي تعرف الأنظمة المناوئة للمملكة ولأهلها الطيبين أي هراء يحدثونه حينما يتحدثون عن تدويل الحج. فبعيدًا من تحريضهم لوحدة وطن، والتدخل في شؤونه، هم لا يدركون أي جهد وعناء ومال وخبرة عقود من السنوات كي تصل الخدمات المقدمة لملايين الحجاج إلى هذا المستوى المتقدم، الذي لا يكف عن التجدد كل عام، والبحث عن أبرز التقنيات الجديدة التي تخدم المزيد من الخدمات المتطورة.