ياسر صالح البهيجان
على الرغم من أن التحول التكنولوجي بات يهدد بقاء العديد من الوظائف التقليدية في العالم أجمع، فإنه يحمل كذلك إمكانات كبرى قادرة على تعزيز حضور الطبقة الوسطى في المجتمعات؛ لما يتيحه من فرص متعددة لتحقيق عوائد مالية عبر الإنترنت وبأساليب متطورة تختصر الكثير من الجهد والوقت، وبما يسهم في تنويع مصادر الدخل الحكومي، وينمي الناتج المحلي للدولة.
إنسان اليوم يواجه تحديًا أكثر من أي إنسان آخر منذ فجر التاريخ، رغم أن لكل حقبة تاريخية تحدياتها التي لا يليق التقليل من شأنها، ولكن نستطيع أن نجزم باطمئنان بأن حجم الإمكانات التكنولوجية الهائلة اليوم حوّلت المنافسة من منافسة بين إنسان وآخر كما في العهد التقليدي، إلى ما بين الإنسان والآلة، وهو تحول يغير معادلة التحدي برمتها، ويتطلب رؤى جديدة تفسح المجال نحو أنماط تفكير مغايرة وغير مسبوقة، لكي يتمكن الفرد من جعل منافسه أداة لنجاحه وتقدمه، وليس عدوًا يحاربه ويبغضه.
وقد قدرت هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية مطلع العام الهجري الحالي 1439هـ، حجم معاملات التجارة الإلكترونية بالمملكة بنحو 30 مليار ريال، وعلى الرغم من أنه رقم مبهر، فإن إمكانية مضاعفته ليست بعيدة المنال، إن اتبعنا إستراتيجيات استثمارية تؤهل المجتمع نحو الثقة بالبيئة الرقمية، واتجهنا نحو تأسيس شركات وطنية كبرى بإمكانها منافسة أمازون وغيره من المتاجر الإلكترونية العالمية.
والتقيت بشباب كثر لديهم الرغبة في افتتاح متاجر إلكترونية في شتى القطاعات، ولكنهم يجهلون الخطوات السليمة والنظامية لبدء مشاريعهم الرقمية، في ظل غياب منصة يمكنها إشهار منتجاتهم، وتعزيز ثقة المستهلكين بهم، لذا بإمكان وزارة التجارة والغرف التجارية أن تتبنى أولئك الشباب وتهيئ لهم منصة عرض بعد أخذ الضمانات عليهم للتأكد من جديتهم، وهي خطوة ستزيد من حجم الإنفاق على التجارة الإلكترونية، وتسهم في بناء اقتصاد محلي متين يقوده شباب الوطن، وأجزم بأنها ستوفر آلاف الفرص الوظيفية، وتحافظ على استقرار الطبقة المتوسطة في المجتمع.
شبابنا ثروة حقيقية وهم رهان مستقبلنا الاقتصادي، وبإمكاننا أن نوفر لهم سبل النجاح والمساهمة في تنمية وطنهم بما ينسجم مع طبيعة مرحلتهم التاريخية ذات الأسس التكنولوجية البحتة. والتجارب الدولية المضيئة متوافرة، لذا ليس علينا اختراع شيء من العدم، وإنما محاكاة تلك النماذج بإتقان وتهيئة البيئة المحفزة والجاذبة للشباب الطموح.