د. أحمد الفراج
تعقب الانتخابات الأمريكية الرئاسية، التي تعقد كل أربع سنوات، انتخابات نصفية، تتم بعد انتخاب الرئيس بسنتين، وسيكون موعدها شهر نوفمبر القادم، وهي انتخابات في غاية الأهمية، يتم خلالها انتخاب كل أعضاء مجلس النواب، أي 435 مقعداً، وثلث أعضاء مجلس الشيوخ، أي 35 مقعداً، وكذلك مجموعة من حكام الولايات (36 مقعداً)، وتأتي هذه الانتخابات في ظروف استثنائية وغير عادية، في خضم الحرب الشعواء، التي يواجهها الرئيس ترمب من الديمقراطيين والإعلام، وتتزايد حدتها، كلما اقترب موعد الانتخابات، إذ لم يشهد التاريخ السياسي لأمريكا وضعاً مشابهاً لما يحدث اليوم، فأمريكا منقسمة على نفسها، بين المحافظين والليبراليين، أي بين الجمهوريين والديمقراطيين.
ولا شك أن شخصية الرئيس ترمب النرجسية، ومواقفه وسياساته الحادّة، والخارجة عن المألوف، في بعض الأحيان، تلعب دوراً كبيراً في سخونة المشهد السياسي الحالي، في ظل انحياز إعلامي فاضح، وجد ضالته في رئيس عنيد ومناكف مثل ترمب، ومع أن الانتخابات النصفية تعتبر صدى لشعبية الرئيس القابع في البيت الأبيض، ففي حال كانت شعبيته عالية، ينعكس ذلك على هوية الفائزين في الانتخابات النصفية، أي حزب الرئيس، والعكس بالعكس، إلا أن هذا ليس معياراً دقيقاً، إذ يحدث أن تكون شعبية الرئيس في أوجها، ومع ذلك يخسر حزبه في الانتخابات النصفية، وقد حدث ذلك مراراً، آخرها كانت في عهد الرئيس أوباما، الذي عرقل الكونجرس الجمهوري معظم مشاريعه وسياساته.
تكمن أهمية هذه الانتخابات في أن نتائجها قد تكون عاملاً مهماً في نجاح الرئيس أو فشله، فالرئيس ترمب، ومنذ دخوله البيت الأبيض، لم يواجه الكثير من المشاكل، لأن الجمهوريين يسيطرون على الكونجرس بشقيه، مجلس النواب ومجلس الشيوخ، وفي حال خسر الجمهوريون هذه الأغلبية في كلا المجلسين، أو في أحدهما، في انتخابات نوفمبر القادم، فإن مهمة ترمب ستزداد صعوبة، ولهذا فالجميع مستنفر، فالديمقراطيون يعملون بلا كلل، في محاولة لتعويض فشل الحزب في الانتخابات الرئاسية الماضية، بعد هزيمة هيلاري كلينتون المذلة أمام ترمب، ويأملون في استعادة الروح، تأهباً للانتخابات الرئاسية القادمة، أما الجمهوريون، فقد كفاهم ترمب المهمة، إذ يتولى الأمر بنفسه، وهذا سيكون موضوع المقال القادم.